
بقلم / العليش الطريفى محمد
ذهبت إلى السوق اول امس لاغراض البيت ، من السوق استغليت ركشة حاملا اغراضى متجها إلى البيت ، وعندما وصلت أخرجت جوالى من جيب البنطلون لتحويل مبلغ أجرة الركشة .
تمت العملية بنجاح وحملت اغراضى وتركت جوالى فى مقعد الركشة الخلفي ناسيا ، ولم أكثرت لذلك .
تحرك صاحب الركشة مودعا يبحث عن ارزاقه ، وعندما وصل الشارع الرئيسي استوقفته فتاة وركبت ، فاذا بها ترى الجوال فى المقعد الخلفي للركشة ، قالت لصاحب الركشة وجدت جوالا فى المقعد ، فناولته له وقال هذا الجوال لشخص اوصلته إلى بيته وقد نساه عندما حول لى مبلغ المشوار ، واستاذنها بالنزول حتى يقوم بارجاع التلفون لصاحبه .
وانا فى البيت تحسست تلفونى داخل جيبى ولم أجده وبدأت ابحث عنه فى زوايا المكان لعلى أجده ، ولم يخطر ببالي انى تركته داخل الركشة.
فاذا بصاحب الركشة يصل إلى البيت ويطرق الباب ضاحكا: لقد تركت جوالك داخل الركشة ولم اكن اعلم به لولا فتاة ركبت معى وناولتنى له .
شكرته على حسن صنيعه وقال لى بان الفتاة كانت على درجة عالية من الأمانة ، لو ادخلته فى شنطتها لما وجدناه ، الا انها امينه مما يدل على ان السودان مازال بخير شكرته ثم ودعني وانصرف ، بارك فى صاحب الركشة الامين شكرا جميلا لتلك الفتاه التى وجدته وجزاها الله عنى خير الجزاء .
موقف اخر وانا قادم من السوق مستغلا مواصلات وركبت فى المقعد الامامى بالحافلة ، فاذا بالتلفون ينزلق من جيبي ويقع بين المقعدين ، وصلت محطتى ونزلت ، الا اننى قد تحسست جيبى ولم أجد التلفون ، وقد اتصلت عليه عدة مرات لم يتم الرد .
فتأكدت تماما ان هذا التلفون لم يقع فى يد احد ، لانه اذا وجده احد من الناس لرد على، أو أجده مغلقا فى حالة ان من وجده ان اراد به سوءا .
ولكن فى اليوم الثانى اتصل على صاحب الحافلة على جوالى الثانى ، فرديت علي اتصاله وقال لى انه قد وصل إلى بيته من ذلك المشوار ولم يتحرك إلى اى جهة وفى الصباح الباكر فتحت الحافلة وبدأت اتمم عليها فاذا بى أجد تلفونا بين المقعدين . وعندما فتحته وجدت عدة مكالمات عليه ، فلهذا قد اتصلت عليك شكرته على حسن صنيعه ، وقد قلت فى نفسي ان السودان بخير وعافيه .
فى بداية الالفينات ركبت مواصلات من المنطقة الصناعية بالخرطوم متوجها الى لسوق العربى وبرفقتى احد الاخوان، عندما كانت الخرطوم خرطوما ، تهز وترز وكلها عز ، دفعت للكمسارى خمسه جنيهات ورقه واحدة وكانت تعريفة المواصلات (٢٥٠ قرشا) ولم استلم من الكمساري الباقى ونزلت انا ورفيقى وتقدمنا بضع خطوات وتذكرت اننى لم استلم الباقى ، ورجعت على الموقف الا ان الحافلة شحنت وتحركت من الموقف ، وقد لمحت الكمسارى وناديته فلم ينتبه لى ، فشاهدت لوحة مرور الحافله وحفظتها ، ورجعنا نحو وجهتنا داخل السوق العربى، وكان موقف الحافلات غرب عمارة السلام مباشرة ، وبعد اسبوع وانا فى الموقف فقد لمحت لوحة مرور الحافلة والتى حفظتها عن ظهر قلب ، فاتجهت نحوها فوجدت سايق الحافلة فى مقعده ، سلمت عليه ، وقلت له قبل اسبوع استغليت تلك الحافلة ولم استلم باقى المبلغ من الكمسارى سهوا ، فقال لى السائق والله هذا صحيح لأن الكمسارى سلمني الباقى حقك وقال إن هناك شخص نسى باقيه ، واستلمت المبلغ ووضعته داخل الطفاية وناولنى اياه ، وقد ذكر لى ان الكمسارى نزل منذ ذلك اليوم ولم يعد الينا الا فى هذا اليوم تفضل يا اخى مشكورا واستلم باقيك ، شكرته على امانتهم وحفظهم لحقوق الاخرين ، هذا الموقف شد انتباهي كثيرا وحمدت الله ربى ان بالسودان مازال به رجالا أمناء فلذلك لم نخش عليه من نوايب الدهر ومحنه وربنا حافظا له .
صغت هذه المواقف الجميلة والنبيلة ، لاثبت للعالمين ان الأمانة والصدق وكريم الخصال ميزات يتوشح بها الشعب السودانى دون شعوب العالمين .
هذه القيم والمبادىء الحميدة ما زالت موجودة داخل وجدان الشعب السودانى ، واصبحت جزءا من عاداتنا وتقاليدنا، فابقوا عشرة على المبادىء والقيم الفاضلة. دمتم بخير وعافيه مع تحياتى للجميع .


