
اعادة فرض هيبة الدولة أولا أيها البروف
بقلم/ عصام محمد أحمد (الساحر)
وهنا اقصد دولة الخدمات…وتحديدا في محلية حلفا الجديده…واخص بما يحدث في قرى الاسكان.
في عام1983 كنت ضمن من وقع عليهم الاختيار من قبل مشاريع التنمية بالبنك الدولي ربما بحكم انتمائي للمكان كاداري مرافق في تنفيذ مشروع تعمير مرشحات حلفا الجديده..
وكان اول عمل قمت به قبل ضربة البداية ذهبت بعينات عشوائية…من مياه الشرب مستخلصة من 3 مواقع لتحليل مدى صلاحيتها بمعامل كلية الهندسة بجامعة الخرطوم…..وكانت نتائجها صادمة ومخيفة.. اذكر ان البروف المشرف على العينات قال لي هذه المياه غير صالحه لاستعمال الحيوان ناهيك عن الانسان الذي كرمه الله.. ودعمت قوله
مديرة قسم تنفيذ المشاريع بالبنك….وقالت باسف انهم قوم خارج الخدمة…فلما استفسرت عما وراء كلامها….قالت اذا كانت هذه عينات من مياه شرب للانسان ويشربونها منذ اكثر من 3 سنوات فان اكثر من 60% منهم مرضى وانت لو كنت واحد منهم عليك الخروج من هنا ,( الحق نفسك)والاسراع باجراء التحاليل اللازمة لانني لا اشك ابدا بانك مصاب باحدى الامراض المقيمة…..وظللت استغرب كيف تترك دولة متحضرة مواطنها تحت رحمة امراض يصنعها الاهمال والتجاهل…كيف لم تقوم الدولة بواجبها الاشراف الصحي والفني والتقني على حياة الناس ..لماذا لم تقم بمهامها بصيانة ونظافة هذه الابار منذ الهجره..وحتى اليوم اي قرابة العشرين عاما…حتى يصل التلوث في مياه الشرب الي هذه الدرجة المخيفة والمرعبة…..وفعلا بعد ان رجعت الي حلفا ذهبت الي معمل للتحليل ..وكانت النتيجة كما توقعتها…وكنوع من الدعابة قال لي فني المختبرات ..انت مصاب ب(اجود انواع البلهارسيا) مع قليل من القارديا وبعض الطفيليات ….
ما جعلني اذكر كل هذه المواقف….المقارنة بين الماضي والحاضر…والمقارنة غير عادله ولا ينبغي اصلا..فانسان الامس الذي قدم توصية للاسراع بتنفيذ المشروع لان كل يوم يعيش فيه هؤلاء الناس وهم يشربون مثل هذه المياه الملوثه..يعتبر خصما على صحتهم وبالتالي على اداء دورهم كاعضاء نافعون في الدولة والمجتمع… ينتظر مشاركتهم في تنميتها وعمرانها…..فمثلما تطالب الدولة المواطن اداء واجباته عليها بنفس القدر ان تؤدي لهم حقوقهم على اكمل وجه….اولئك الناس لا يشبهون هؤلاء .. والدليل على ذلك
الان مرت اگثر من40 سنة على تلك الاحداث..ولم يتحدث احد عن التعمير ولا الصيانة ولا سوء الشبكه اوالامراض المنقولة عبرها..
والدولة تملصت من واجباتها ومهامها المحددة لها وفقا للدستور ..وسلمتها او رمت باعبائها وتنازلت عنها للجان تسيير لا تستند على شرعية انتخابيه او تصعيديه او حتى اسانيد قانونية…. ويوميا نشاهد ونعايش صراعاتها الآيدولوجية والنخبوية التي تؤثر سلبا على اعمالها..دون ان نلمس ولو مجرد ضوء حمدوكي في اخر النفق …
اي انها تتحمل مسئولية اكبر من مقاسها وتفوق مقدراتها وميزانياتها التي تعتمد على الدعم الذاتي…
هنالك خدمات لاتقبل الا ان تقدم من خلال نظام الدولة ومن ضمنها واهمها على الاطلاق خدمة المياه….لاهميتها الاستراتيجية اولا وثانية لمدخولها الضعيف وصرفها المتضخم وبشكل روتيني .ودوري
الان بعد تنصيب البروف كامل ادريس رئيسا للوزراء..حان الوقت لتستعيد الدولة دورها ومهامها الدستورية في محلية حلفا الجديده..وتنهي تفويضها. لتلك اللجان التي اخلت بنظامها التنفيذي والقانوني …وافشلت اداء المنظومة الخدميه من خلال الزج بعلاقات التمكين الحزبي والنخبوي ..في تسيير اعمالها..فتتغير تغيرا كاملا مع كل انقلاب سياسي او عسكري….
حان الوقت لاستعادة تشغيل مرشحات ( صهاريج )قرى حلفا الجديده الي الدوله متمثلة في هيئة توفير المياه الريفيه…و اعادة ملف سلطات توزيع الاراضي الي التخطيط العمراني بالولاية…على ان يقتصر عمل هذه اللجان المسخ كما كانت سابقا على انشاء الجمعيات الزراعيه والتعاونيه واستخراج شهادات السكن والمواطنه….
هذا والحمد لله رب العالمين….