مقالات الرأي

أوضاع مأساوية يعيشها اللاجئون بيوغندا..أرحموا عزيز قومٍ ذُلَّ

الهنا حميدان تكتب ل"5Ws-service"

 

بقلم/ الهنا حميدان حسن

هذه رسالتنا من معسكرات اللجوء
بأوغندا _بيالي
_معسكر كرياندونقو
“كمن يحتمي بالرمضاء من أللهب” هكذا هو حال اللآجئين السودانيين في أوغندا، فبعد تكبدهم المشاق في الهرب من ويلآت الحرب في مناطقهم في السودان متحملين رحلة لا تخلوا من المخاطر عبر دولة جنوب السودان وحتى وصولهم إلى دولة أوغندا قاصدين أكبر معسكر للآجئين في منطقة (بيالي) معسكر( كرياندونقو) الذي بات مكتظاً بأكبر عدد من اللاجئين السودانيين إبان الحرب الدائرة في السودان الآن ، ولكن كان الواقع عكس توقعاتهم وطموحاتهم التى لم تكن كبيرة ، فوجدوا ان المعسكر يفتقر إلى أبسط سبل العيش المطلوبة ، فمفوضية اللاجئين UNHCR توقف دورها بعد أن منحتهم بعض المواد الأولية لبناء منزل مع العلم ان هذه المواد التي هي عبارة عن مشمعات بلاستيك مقوى لا تصلح في ظل الأوضاع المناخية للبلد المضيف فهي لا تقي من المطر في موسم الأمطار شبه الدائم في دولة استوائية كأوغندا ، وقد تم أيضا منحهم قطع أراضي زراعية ليقوموا بزراعة المحاصيل المحلية مع ان الكثير منهم يجهل حتى ابسط أساليب الزراعة ولكن هو حال المضطر ، فقاموا متعاونين بالزراعة في الموسم المنصرم ليتفاجأوا ان التقاوى التي تم منحهم إياها لا تصلح للزراعة مما جعل الكثيرين يمتنعون عن الزراعة هذا الموسم خوفا من تكرار نفس سيناريو العام الماضي ، و بهذا يضاف فشل اخر لسلسة طويلة من الفشل لمفوضية اللاجئين UNHCR وشركائها ومانحيهم أيضآ .
وتفاقمت المعاناة المستمرة لللآجئين السودانيين في شح المياه الصالحة للشرب فهي ما بين إنقطاع يدوم لأيام وتوفرها لساعات قليلة مع التزاحم للحصول عليها لتنقطع مرة أخرى، وكأجراء روتيني قامت مفوضية اللاجئين UNHCR وشركائها بإنشاء مضخة اضافية للمياه بعد تدافع وتشاجر المقيمين في مضخة المياه الواحدة وتزاحمهم في الصفوف من أجل الحصول على الماء ، ولكن الشيء المحبط أن هذه المضخة الجديدة لم تعمل حتى الان ، مما اضطر البعض الى الذهاب الي مسافات طويلة لجلب الماء ، واتجه بعضهم الي جمع مياه الأمطار للإستفادة منها في استخدامهم اليومي من غسيل ملابس وإستحام ، والأغلبية يقومون بشراء المياه للشرب والطبخ وقد تتعدى قيمة سعر الماء للأسرة المتوسطة الدولار في اليوم الواحد ، وهذا غير معناتهم الجديدة بعد ان قلصت مفوضية اللاجئين( UNHCR) المعونة الشهرية الي 30% فأصبح نصيب الفرد 14000شلين اوغندي اي ما يعادل اقل من 4 دولار في الشهر وهذا المبلغ يعتبر بديل للمواد الغذائية التى كانت تمنحها لهم (منظمة الغذاء العالمي WFB) وهي عبارة عن( زيت طعام وفاصولياء محلية وذرة شامية وملح )، مع العلم ان هذا المبلغ الزهيد لا يكفي لإطعام الفرد من أبسط انواع الطعام لمدة يومين ولا سيما ان هذا المبلغ يتضمن أيضا شراء ماء الشرب و وقود الطبخ(الفحم) ، ولكن كعادات السودانيين الحميدة النادرة في الترابط والتعاون في أحلك الظروف وبأقل الامكانيات قاموا بإعداد مطبخ جماعي لتدبير هذه المبالغ الضئيلة التي يستحيل إدارتها ولكن هي إرادة الحياة وغريزة البقاء ولكن هذا المطبخ الجماعي مهدد بالتوقف مع سياسات مفوضية اللاجئين (UNHCR) الجديدة التي ادت الي شح المواد الغذائية مع إنعدام مساعدات الداعمين ، وهذا أدى إلى اضطرار الكثيرين لمغادرة المعسكر خوفاً من شبح الجوع والمرض والموت بهذه الأسباب، والبعض فضل الرجوع إلى السودان ، ففي السودان يوجد احتمالات عديدة للحياة أما في المعسكر فهناك عدة احتمالات للموت والأشد مرارة من الموت هو ما وجدوه من زل مهانة .
وهنا تأتي التساؤلات الكبيرة بعد كل هذا التقصير ، من السبب في هذا التقصير فنحن لن نحمل المنظمات الإنسانية المختصة وزر ما يحدث وحدها ، فأين المجتمع الدولي ودوره والذي اعترف في بداية الأزمة أن ما يحدث الآن في السودان قد فجر أكبر كارثة نزوح و لجوء في أفريقيا في القرن الحادي والعشرون ، وكذلك أين منحة الدول التي تمول تلك المنظمات الإنسانية والذين صرحوا انهم قاموا بتخصيص مبلغ إثنين مليار دولار لللآجئين والنازحين السودانيين يتم منحها للمنظمات القائمة على أمرهم مثل مفوضية اللاجئين UNHCR ومنظمة الغذاء الدولية WFP والمتعاونين معهم في محاولة لدرء هذه الكارثة الإنسانية وكذلك خصصت جزء من المنحة للدول المضيفة ، فلماذ الى الآن لم يمنح منها الا اقل من 10% من اجمالي المبلغ المصرح به من قبلهم ؟، ولماذا التعتيم التام لما يحدث في السودان من قتل و انتهاكات وتهجير مواطنيه ومن المستفيد من هذا الأمر؟ كل هذه التساؤلات وغيرها نوجهها لمن هم في مكان القرار وغرف التحكم .
وفي تباين واضح وبعد إزدياد وتيرة الحرب في بعض مناطق شمال دارفور ولا سيما الفاشر تزايد عدد القادمين من تلك المناطق وما جاورها وهم يحملون آمال عراض و باحثين عن الأمن والأمان والاستقرار ولكنهم اصطدموا بواقع مرير يبدأ من معسكر الاستقبال (reception) وسلسلة طويلة من إجراءات التسجيل المرهقة التي يمكن ان تصل الي قرابة الشهر ليتم منحهم بطاقة اللجوء وترحيلهم بعد ذلك الي مكان اقامتهم الدائم في معسكر(كرياندونقو ) ، وأيضا هناك من قدموا من العاصمة(كمبالا ) وبعض المدن الاوغندية بعد أقاموا بها طوال مدة الحرب الا انهم استنفذوا كل مدخراتهم ومواردهم وقد كانوا رافضين في بدايه الأمر أن يكونوا من اللاجئين آملين أن تكون نهاية الحرب قريبة ولكن كعادة الرياح لا تأتي بما تشتهي السفن فلا تزال الحرب تدور رحاها بسوداننا الحبيب ولم تظهر معالم نهايتها بعد .وأيضا سوف يخضون لنفس الإجراءات الطويلة والمعقدة في معسكر الاستقبال.
ولابد لنا من توضيح أمر وهو ان حال اللاجئين السودانيين في أوغندا هو أفضل بكثير من حال غيرهم في بعض الدول التي التجأ إليها السودانيين، فدولة أوغندا فتحت أبوابها لكل اللاجئين من كل الدول التي بها حروب وظروف انسانية معقدة وقامت بتوفير أجواء انسانية وضمنت لهم كرامتهم وانسانيتهم ، فقد وضعت سياسة أسمتها سياسة الباب المفتوح التي بموجبها يضمن اللاجيء حرية التحرك والسكن والتجارة والتنقل داخل الدولة مع ضمان حمايته وهذا ما فعلته دولة مصر أيضآ ، وهذا ما لم تفعلة دول كثيرة واقرب مثال دولة إثيوبيا الجارة الشرقية للسودان ، وهذا ما جعل كثير من السودانيين تفضيلهما وجعلهما وجهات اساسية للجوء .
وفي اطار اخر قد قمنا بالحديث الي بعض المتواجدين بمعسكر (كرياندونقو ) متسائلين عن اذا أتى اليهم بعض المسئولين او المهتمين من المنظمات المعنية وغيرها فقالوا موضحين أن بعض من منظمات المجتمع المدني السودانية وغيرها قامت بزيارتهم والوقوف على حالتهم بالمعسكر وقاموا بحصر كل الحوجات لتقديمها إلى الجهات المعنية من حكومة السودان وبعض الجهات المسئولة التى يمكن ان تساعد في تحسين أوضاعهم ، وحسب إفادتهم أن هذا الزيارات قد طالت مدتها لتزيد عن العام ولم يجدوا اي طائل منها .وكذلك صرح احد المواطنين متحدثا بلسان جميع من معه قائلا : ان الإجراءات الطويلة للتسجيل مع عدم توفر مكان مناسب للمبيت و وقوفهم صفوف لأخذ الوجبة هو أكثر شيء مهين يمكن ان يتعرض له أي إنسان مع شعورهم التام بالعجز وقلة الحيلة
***وهذه مناشدة أخرى منا لمن يهمه أمر السودانيين في مراكز اللجوء في أوغندا ، (فأرحموا عزيز قوم ذُل وغنيّ قوم اِفتقر)

الهنا حميدان حسن

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى