
بقلم/ البروفيسور إيهاب السر
تعد مأساة الطائرة الهندية Air India الاخيرة في الثاني عشر يونيو وهي طائرة البوينغ 787 دريملاينر من أسوأ كوارث الطيران في العالم وأحزنها. المشاعر الإنسانية مهما تباعدت بينها الحدود والدول واللهجات واللغات فالإحساس والحزن هو نفسه بالفواجع و رسم الآمال والأحلام متشابه في كل القصص البشرية و الانسانية في كل العالم البشر يخططون بطول الامل ويأتي هادم الافراح واللذات ليهدم كل التخطيط ويقصم ظهر الآمال. كثير من القصص الإنسانية مرت في هذه الحادثة تحكي كل منها مأسآة منفصلة وقصة حزينة بدءا بكابتن الطائرة نفسه الذي اتصل بوالده في اللحظات الأخيرة قبل الاقلاع بأنه يعتزم ترك العمل ليتفرغ لرعايته بعد أن توفيت والدته وكذلك مساعد الكابتن الذي كانت أمه تعمل مضيفة جوية في الشركة نفسها وهو ابنها الأوحد والذي كان حلم عينها ان تراه طيارا وتحقق لها ذلك. هذا المهندس المبرمج في مايكروسوفت الذي عاش في بريطانيا لمده ٦ سنوات بدون اسرته وعاد لياخذ اسرته معه بعد اكمال تعاقده وزوجته الطبيبة البشرية واطفالة الثلاث الصغار. والإبن الذي ودع والدته ليبدأ حياته الدراسية في بريطانيا والأسرة المسلمة التي عادت لتحتفل مع ذويها بعيد الأضحى. وكان لبقية طاقم الطائرة حكايات مختلفة من النجاح والكفاح على الجانب الأخر هذه الفتاة التي تأخرت عن (البوردينق) عشر دقائق عن الرحلة وتم منعها اللحاق بالطائرة وكانت تعتزم مقاضاة الشركة وسمعت وهي ما زالت في المطار بتحطم الطائرة كذلك الناجي الوحيد الذي خرج من بين براثن كتل اللهب والنيران سليما في معجزة الهية عجيبة. العجيب في هذه المأسآة ان الطائرة قد تفجرت في سطح كلية طبية بالقرب وأودت بحياة طلاب طب في ريعان الشباب وزادت حجم الكارثة بصورة مريعة ليرتفع العدد لاكثر من 242 قتيلا بكثير
إنها دروس وعبر في أن الحياة محطة قصيرة وعابرة ولا يسير ايقاعها على أوتار أمالنا وطموحاتنا على الانسان أن يعيش فيها كعابر سبيل وأن يقدم لأخرته فلا احد يعرف ما تخبيه الاقدار له وبأي ارض يموت. الطائرة منذ اقلاعها حتى تحطمها كان كل ذلك خلال 30 ثانية بحساب الزمن حيث حدث لها فشل تام في الطاقة في المحركين كظاهرة غريبة ونادرة في عالم الطيرانِِ.
*وصدق ابن عبد ربه حين قال :*
أَلا إنَّما الدُّنيا نَضَارَةُ أَيْكةٍ
إذا اخْضَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ جَفَّ جَانبُ
هِيَ الدَّارُ مَا الآمَالُ إِلّا فَجائِعٌ
عَليْها وَلا اللَّذَّاتُ إِلّا مَصَائِبُ
فَكَمْ سَخِنَتْ بِالأَمْسِ عَيْنٌ قريرَةٌ
وَقَرَّتْ عُيُونٌ دَمعُهَا الْيوْمَ سَاكبُ
فَلا تَكتَحِلْ عَيْنَاكَ فِيهَا بِعَبْرَةٍ
على ذَاهِبٍ مِنْهَا فَإِنَّكَ ذاهِبُ