
بقلم / سمير سيد عثمان
إصلاح القطاع المصرفي .. الحاجه الي جراحة جذرية تبدأ ب (الرجل المناسب) في حكومة الامل
في خضم التحديات التي تواجه السودان في مرحلته الانتقالية الراهنه ،، وفي ظل الأمل الكبير المعقود على حكومة الأمل ،، يبرز *قطاع المصارف* كأحد الأعمدة الرئيسة لبناء دولة مستقرة اقتصاديًا ومزدهرة تنمويًا ..
لقد أرهقت الحروب والسياسات المرتبكة سابقًا بنية هذا القطاع ،، وآن الأوان لإعادة بنائه على أسس حديثة وعادلة وشفافة ،، تقوده قيادات ذات كفاءة ونزاهة ووطنية صادقة ..
إن القطاع المصرفي ليس مجرد وسيلة لحفظ الأموال أو تسهيل المعاملات ،، بل هو القلب النابض لأي اقتصاد ..
لذا ،، فإن *اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب* لم يعد ترفًا ،، بل أصبح ضرورة وطنية مُلحّة لضمان إصلاح القطاع وقيادته نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة ..
حكومة الأمل مطالَبة أكثر من أي وقت مضى بوضع رؤية إصلاحية متكاملة لقطاع المصارف ،، رؤية تخرج من عباءة الشعارات إلى فضاء الفعل ،، ومن دوائر الترضيات إلى منصات الكفاءة ..
هيكلة القطاع تبدأ من الداخل ،، من إعادة ترتيب بيته الإداري المؤسسي ،، وتحرير المناصب القيادية من إرث المجاملات ،، ليتولاها أصحاب الفكر المالي والرؤية الإدارية والنزاهة المجتمعية ..
فالقيادة ليست مكافأة ،، بل تكليف بأمانة ثقيلة ..
القطاع المصرفي يجب أن يُمكَّن فعلياً من أداء دوره في تحريك عجلة الاقتصاد ،، بتمويل المشاريع الإنتاجية لا مجرد العمليات الاستهلاكية ..
الزراعة والصناعة هما قلب السودان النابض ،، ودور المصارف هو ضخهما بالحياة ..
إزالة التشوهات البنكية باتت ضرورة عاجلة ،، تلك التي عطّلت حركة الأموال ،، ووسّعت فجوة الثقة بين المواطن والمصارف ..
لا اقتصاد يتعافى بمالٍ حبيس ،، ولا مصارف تنهض في بيئة مشوّهة ..
الشمول المالي يجب أن يكون هدفاً وطنياً لا مجرد عنوان ،، بأن تصل خدمات المصارف إلى الهامش والريف ،، وأن يشعر كل مواطن بأن له نصيباً من العدالة الاقتصادية مهما بَعُد عن المركز ..
لا استقلال اقتصادي بلا استقلال مهني للمصارف ..
لا يمكن أن تُدار البنوك بعقلية الحصص والترضيات ..
آن الأوان لإبعادها عن المحاصصات الحزبية والموازنات القبلية ،، وإعادتها لأهل الكفاءة ..
فالإصلاح المصرفي ليس ترفاً ،، بل هو حجر الأساس لبناء وطن قادر على النهوض والانتقال ،، بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ،، داخل منظومة اقتصادية تستحق الأفضل ..
نحن أمام فرصة تاريخية ،، إما أن نستثمرها بوضع الكفاءات الوطنية في مواقعها الصحيحة ،، أو نفرّط فيها مرة أخرى ونغرق في ذات دوامة الفشل ..
المصارف لا تبنى بالشعارات ،، بل برجال دولة يعرفون كيف يحولون الرؤية إلى فعل،، والأمل إلى واقع ..
حان الوقت لأن نمنح زمام قيادة المصارف لمن يرى في السودان وطناً يستحق البناء ،، لا غنيمة مؤقتة ..
فالرجل المناسب في حكومة الأمل ،، هو من يقدّم الكفاءة على الولاء ،، والعدل على المحاباه ،، والمصلحة العامة على الذات ..
السودان يستحق الأفضل ،، وقطاع المصارف يمكن أن يكون بوابة نهوضه ،، إن نحن أحسنا الاختيار ..
القطاع المصرفي السوداني يقف اليوم على مفترق طرق ،، وما عاد السكوت على أزماته خيارًا ..
فهو لم يعد فقط قطاعًا خدمياً ،، بل عمود فقري لأي نهضة مرتجاة ..
وأي حديث عن تعافٍ اقتصادي أو استقرار مالي دون إصلاح هذا القطاع ،، هو محض وهم ..
الثقة تراجعت ،، وهذا ليس رأيًا ،، بل واقع يُلمس في عزوف المواطنين والمستثمرين عن التعامل البنكي ..
الثقة لا تُبنى بالكلام ،، بل بالإصلاح الجذري ،، بسياسات شفافة ،، وبحزم إجراءات تعيد الهيبة للمؤسسات المصرفية ..
الجمود هو السمة الغالبة على عمل كثير من البنوك ،، غياب الابتكار ،، تأخر في اللحاق بركب التحول الرقمي ،، وضعف في تبني أدوات التكنولوجيا المالية ،، كلها أمور تبقينا خارج سياق العصر ..
الرقابة المصرفية ،، رغم كونها خط الدفاع الأول ،، ظلت هشّة في العقود الماضية .، لا إصلاح دون تعزيز دور البنك المركزي ،، لا بالإملاء ،، بل بالتمكين الحقيقي والتشريعات الصارمة والكفاءة في الأداء ..
أما التمويل ،، فقد صار ضيقًا كأفق مسدود ..
المشاريع الزراعية والصناعية تنهار قبل أن تبدأ ،، فقط لأن النظام المصرفي عاجز عن ضخ الروح فيها ..
كيف لنا أن نحلم تنمية ،، والمصارف عاجزة عن تمويل الحياة؟
والعزلة الدولية تظل الجرح المفتوح ،، الذي لا يُشفى إلا بإصلاح داخلي يُقنع العالم بجدية التغيير ..
فالعقوبات قد تُرفع ،، لكن الثقة لا تُمنح ،، بل تُنتزع عبر امتثال صارم ،، ومؤسسات محترفة ،، ونظام مصرفي يُحاكي أفضل الممارسات العالمية ..
الرسالة للسيد رئيس الوزراء واضحة بين السطور ،، إن أردتم لقطاع المصارف أن يكون أداة بناء لا عبئاً على الدولة ،، فابدأوا بالجراحة ،، لا التجميل ..
نظفوا الداخل ،، رتبوا البيت ،، وضعوا الرجل المناسب في المكان المناسب ،، ثم امنحوا القطاع كامل الصلاحيات والقوة ..
فدونه ،، لا نهضة تُرجى ،، ولا أمل يُصان ..
إن ما يعيشه قطاع المصارف في السودان ليس مجرد أزمة أداء ،، بل هو انعكاس لمعادلة مختلة بدأت من اختيارات غير مدروسة ،، واستمرت بتدوير ذات الوجوه والعقليات التي كرّست الجمود وأضعفت الثقة ..
لهذا ،، فإنّ أي تحرك إصلاحي حقيقي يجب أن يبدأ من نقطة الوعي بأن *وضع الرجل المناسب في المكان المناسب* لم يعد ترفًا تنظيريًا ،، بل ضرورة وجودية ..
هذا المبدأ ليس شعارًا يُرفع لتهدئة الرأي العام ،، بل هو *استراتيجية بقاء* للدولة نفسها ،، خاصة في قطاع حساس ومحوري كالمصارف ..
والحديث هنا لا يتطلب تجميل الهياكل بل زرع الكفاءات ذات البصيرة والرؤية الصافية ..
الرجل المناسب هو من تتقدمه نزاهته ،، فيكسب ثقة المواطن والشركاء الدوليين لا بالوعود بل بسلوكه العملي ..
هو من يملك كفاءة فنية عميقة ،، ويفهم آليات النظام المصرفي ،، إدارة المخاطر ،، الامتثال ،، والرقمنة الحديثة ..
هو من لا ينتظر التغيير بل يقوده ،، برؤية استراتيجية وابتكارية ،، تدفع نحو خدمات مالية عصرية متكاملة ..
وهو من يفهم هذا الوطن بتعقيداته ،، يعرف خصوصية السودان ،، ولا يستورد الحلول الجاهزة بل يطوعها لتخدم واقعه ..
الرجل المناسب في هذا الظرف ،، هو من يملك القدرة على تواصل فعّال داخليًا وخارجيا ،، ليكون جسراً بين المؤسسات والمواطن ،، وبين السودان والعالم .،.
وما يحفّزه ليس طموح شخصي ،، بل ولاء وطني خالص ،، لا يساوم عليه في وجه أي ضغط سياسي أو شخصي ..
هذه ليست أمنيات ،، بل مواصفات واضحة لقادة المرحلة ،، يجب أن يُؤخذ بها إن أرادت حكومة الأمل أن تنقذ ما تبقى ،، وتبني ما هو آتٍ على أسس من الكفاءة والضمير ..
هذا نداء مفتوح إلى دولة رئيس الوزراء ،، ابدأوا من هنا ،، فالإصلاح الحقيقي يبدأ باختيار من يصنع الفرق لا من يكرر الأخطاء ..
وفي الختام ،، فإن إصلاح القطاع المصرفي في السودان لا يحتمل أنصاف الحلول ولا مسكنات الوقت ،، بل يتطلب جراحة جذرية تبدأ من العقل ،، لا من الشكل ،، من *اختيار الرجل المناسب* لا الأقرب ولا الأسبق ..
إنها لحظة فارقة في تاريخ الوطن ،، حيث تُبنى الدول على قرارات شجاعة ،، لا مجاملات ناعمة ..
*حكومة الأمل* إن أرادت أن تترجم اسمها إلى واقع ،، فعليها أن تضع هذا القطاع في أيدٍ مؤهلة ،، أمينة ،، حازمة ..
فالمصارف ليست مؤسسات مالية فحسب ،، بل هي شرايين الاقتصاد ،، ومؤشرات الثقة ،، ومفاتيح التنمية ..
إنها البداية التي تحدد المصير ،، إمّا أن نُعيد لهذا القطاع روحه ،، بقيادات تُؤمن بالوطن وتعمل له ،، أو نتركه يواصل نزيفه في صمت قاتل ..
يحتاج القطاع المصرفي في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة إلى *برامج إسعافية عاجلة وخطط قصيرة المدى* ،، تضعها وتنفذها الحكومة بالتعاون الوثيق مع الأجهزة والمؤسسات ذات الصلة ،، لضبط الإيقاع المالي ومعالجة التشوهات الطارئة التي عطلت دوره الحيوي ..
فالإصلاح الحقيقي لا يقتصر على الرؤى بعيدة المدى ،، بل يبدأ من خطوات عملية مدروسة ،، قابلة للتنفيذ الفوري ،، تهيئ البيئة المناسبة لانطلاقة مستدامة ..
من الضروري الإشارة إلى أن القطاع المصرفي لا ينهض بالكفاءة البشرية وحدها ،، بل يحتاج أيضاً إلى كفاءة مالية متينة ..
فكما أن وجود القيادات المؤهلة والنزيهة يشكل حجر الأساس في الإصلاح ،، فإن تمكين هذه القيادات من أدوات النجاح ،، من ملاءة مالية كافية ،، ورأسمال مدعوم ،، وأدوات تمويل مبتكرة ،، هو الضلع الآخر في معادلة النهوض ..
فلا فاعلية لإصلاح إداري بلا موارد تضمن الاستمرارية ،، ولا نجاح لخطط التطوير إن لم تُدعَم بإمكانات مالية تمكن المصارف من أداء دورها في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني ..
هذه الإجراءات الإسعافية تمثل الجسر بين الواقع المأزوم والطموح المنتظر ،، وهي ضرورة لا تحتمل التأجيل إن كنا جادين في بناء قطاع مصرفي سليم وفاعل ..
فالرهان اليوم ليس على المال ،، بل على الرجال ..
والأمل ليس أمنية ،، بل قرار وجرأة في التغيير ..