مقالات الرأي

التحول الرقمي في المصارف .. لم يعد خياراً ، بل ضرورة تُلاحق الزمن

سمير سيد عثمان يكتب ل"5Ws-service"

بقلم / سمير سيد عثمان

في مطلع الألفية الثالثة ،، بدأت الثورة الرقمية تُغيّر وجه الخدمات المصرفية عالميا ،، حيث تحولت البنوك من طوابير الفروع الطويلة إلى نقرة واحدة على الهواتف الذكية ..

لم تكن الدول الأوروبية والعربية بمنأى عن هذا التحول ففي السعودية، مثلاً ،، أصبحت التطبيقات المصرفية جزءاً يومياً من حياة الناس ،، تُنظِّم مدفوعاتهم وتحويلاتهم وتُسرع تعاملاتهم التجارية ..

اليوم بينما تُسابق دول العالم الزمن لتبني التقنيات المالية ،، يجد السودان نفسه على مفترق طرق ،، إما أن يلتحق بركب التطور أو يُخاطر بتباعد الفجوة بينه وبين الاقتصادات الناشئة ..

في عالمٍ يتسارع فيه التطور التكنولوجي ،، كان لزامًا على المؤسسات المالية أن تواكب هذا التقدم لتلبية احتياجات عملائها ..

وقد شهدت السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا في القطاع المصرفي السوداني نحو التحول الرقمي ،، حيث أصبح من الضروري أن تقدم المصارف تطبيقات إلكترونية تسهم في تسهيل المعاملات المالية وتوفير الوقت والجهد للعملاء ..

هذا التحول لم يكن خيارًا بل ضرورة ،، خاصة في ظل التوجيهات الأخيرة من بنك السودان المركزي التي ألزمت المصارف بتطوير وتفعيل تطبيقاتها المصرفية الإلكترونية لضمان تقديم خدمات مصرفية ميسرة ومستقرة للعملاء على مدار الساعة ..

كما وجه المركزي المصارف بربط تطبيقاتها فورًا بمنصات الربط البيني المتاحة لتحقيق تكاملية التطبيقات ،، وخدمة التحويل بين حسابات عملاء المصارف المختلفة ..

ومع ذلك ،، تظل بعض المصارف متأخرة في إطلاق تطبيقاتها الرقمية ،، مما يعيق استفادة عملائها من هذه الخدمات المتطورة ..

إن التأخر في هذا المجال قد يؤدي إلى فقدان ثقة العملاء وتراجع في مستوى الخدمة المقدمة ..

لذلك ،، من الضروري أن تسعى جميع المصارف إلى الإسراع في تطوير وتفعيل تطبيقاتها الرقمية ،، ليس فقط لمواكبة التطور في الدول العربية والأوروبية ،، بل أيضًا لتسهيل عملية التحويلات البنكية وتنشيط التجارة الإلكترونية ،، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق الشمول المالي ..

في السنوات الأخيرة ،، خطت بعض المصارف السودانية خطوات جريئة نحو التحول الرقمي ،، مثل تطبيق “بنك الخرطوم” الذي سمح للعملاء بإجراء التحويلات ودفع الفواتير وإدارة الحسابات دون عناء التنقل ..

هذه الخطوات لم تُسهِّل الحياة على الجمهور فحسب ،، بل عززت ثقة المستهلكين ودعمت نمو قطاع التجارة الإلكترونية ،، الذي يعتمد بشكل أساسي على سرعة التحويلات وأمانها ..

لكن ما يزال جزء كبير من القطاع المصرفي متأخرا ،، مُتمسكاً بأساليب تقليدية تُثقل كاهل العملاء وتُعيق حركة الاقتصاد ..

التأخر في تبني التطبيقات الرقمية لم يعد مجرد “ضعف خدمات” ،، بل أصبح تهديداً مباشراً لمكانة المصارف في السوق ..

فالعملاء ،، خاصة جيل الشباب ،، يفرون إلى البنوك الرقمية أو الخدمات البديلة التي توفر الوقت والجهد ..

الدول المجاورة تُنشئ أنظمة دفع إلكترونية متكاملة ،، بينما تزداد حصة التجارة الإلكترونية عالميا ،، ما يعني أن أي تأخير سوداني في البنية التحتية الرقمية سيُترجم إلى خسائر اقتصادية وصعوبة في الاندماج مع الأسواق الإقليمية ..

المزايا هنا لا تُحصى ،، تحويلات فورية دون عمولات مبالغ فيها ،، إدارة مالية شخصية ذكية ،، تعزيز الأمان عبر تقنيات التشفير ،، ودعم رواد الأعمال وأصحاب المتاجر الإلكترونية الذين يعتمدون على سرعة التسويات المالية ..

في بلد مثل السودان ،، حيث الوقت والجهد ثمينان في ظل التحديات الاقتصادية ،، يصبح تبسيط الخدمات المصرفية ضرورة إنسانية قبل أن تكون اقتصادية ..

النداء هنا موجّهٌ للمصارف المتأخرة ،، الانتظار لم يعد منطقياً ..

كل يوم يُهدر دون تحول رقمي هو يوم تُهدَر فيه فرص النمو وتُضعف فيه الثقة ..

العالم يتجه إلى التعاملات اللاورقية ،، وحتى الشرائح الأقل حضرية أصبحت تعتمد على الهواتف المحمولة في تمويلها اليومي ..

السوق السوداني ينتظر خطوات جادة ،، كتلك التي قامت بها دول عربية شقيقة ،، لتحقيق نقلة نوعية تُناسب طموح شعب يعرف قيمة الابتكار ..

التحول الرقمي ليس ترفاً ،، بل هو جسر عبور إلى المستقبل ..

المصارف التي تُسرع بطرح تطبيقاتها ستكسب ولاء العملاء ،، وتُشارك في بناء اقتصاد وطني أكثر مرونة ،، وتُصبح شريكاً أساسياً في دعم ريادة السودان إقليمياً ..

أما التي تتلكأ ،، فستجد نفسها خارج المنافسة ،، في زمنٍ لم يعد فيه مكان للبطء .

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى