
بقلم أحمد يوسف التاي
(1)
الناظر إلى الوضع العسكري للجيش السوداني حالياً سيجده في أفضل حالاته..لكن في المقابل وبكل أسف نجد الوضع الأمني في الولايات المحررة يعاني أسوأ حالات الهشاشة والتفلتات الأمنية.. أقول كل المناطق المحررة وبدون استثناء تعاني من ظواهر التفلتات والهشاشة الأمنية وذلك بسبب الإسترخاء الأمني الذي “غطس حجر” البلد من قبل ..ولدي الكثير من الشواهد وألادلة والمعطيات ما يعزز زعمي هذا.. الغفلة والإسترخاء الأمني كانتا سبباً رئيساً في انتشار أوكار الجريمة في بلد أضحى كما زريبة الهوامل يتسرب إليها الأجانب والجرائم العابرة للحدود كمايتسرب الجراد الصحراوي العابرة بلا ضابط ولا رقيب ولا تسريح مرور، إلى زروع ذات بهجة ومعين فيحيلها إلى أرضٍ جرداء أو يجعلها صعيداً زلقاً.. والغفلة والإسترخاء الأمني نفسهما كانتا سبباً في تمدد عصابات المافيا وشبكات الإجرام و(تسعة طويلة ) بمساعدة الفوضى في إنتشار السلاح بين المواطنين بل تسليحهم قبل وبعد الحرب..
(2)
ليست الهشاشة الأمنية في الخرطوم _ كرش الفيل التي كانت _ ولكن الهشاشة الٱن أخذت بتلابيب كل المدن والأرياف المحررة فاصبح النهب المسلح عنواناً بارزاً في مدن وبوادي كانت آمنة قبل الحرب ولم تسمع بقصص النهب المسلح إلا في إقليم دارافور.. وكل ذلك بسبب إنتشار السلاح بلا طابط وعلى نحو فوضوي..
في ولايتي سنار والقضارف اللتين كانتا آمنتين، الآن ظهرت فيهما مجموعات نهب مسلح أمعنت في نهب المواشي بالشاحنات مستخدمة الأسلحة الخفيفة ؛ ولعل أقسام الشرطة المختلفة تنبيك عن كل هذه المأساة بكل الاسئله المؤلمة..
ظاهرة النهب المسلح بولاية سنار وخاصة محلية الدندر أصبحت من الأمور المزعجة التي تؤرق المواطن وتكشف هشاشة الاوضاع الأمنية في المنطقة؛ فكثيرا مانسمع عن عمليات نهب وسطو مسلح تمت بالمنطقة فيستسابق المنكوبين إلى أقسام الشرطة للتبليغ ولم يقبضوا إلا الريح…
(3)
في كسلا و القضارف و شندي حدثت عمليات سطو نهارية من بقايا إرث (تسعة طويلة) تحاكي أفلام “الآكشن” و”الكابوي” الأمريكية…أما الخرطوم فأخشى إن تتحول إلى إمبراطوريات “كولمبية” جديدة على شاكلة تلك التي كانت سائدة قبل فض الاعتصام,والتي كان يستعصى على الشرطة دخولها.
(4)
الآن بين يدي نشرة جنائية صادرة من قسم العزاز ود داموس باسم الشاكي المزارع عبد الباقي حسن خليفة بمنطقة الحواتة محلية الرهد بولاية القضارف حيث تعرض مشروعه الزراعي لحادثة نهب مسلح من قبل (10) مسلحين على متن (3) بكاسي وتمكنوا من نهب (57) رأس من الضان واسبيرات وماكنة لخام واغراض أخرى ..والمزارع عبد الباقي ليس وحده لقد عايشنا العيد من حوادث النهب على هذه الشاكلة.. فأين دور الحكومة لإنهاء هذه الظاهرة المزعجة التي احالت حلاوة للإنتصارات العسكرية على التمرد إلى علقم.
5
أعود وأقول لن يكون هناك طعم للإنتصارات العسكرية على الأرض إذا صارت المناطق المحررة نهباً لعصابات النهب والسطو المسلح وعشعشت فيها الفوضى وأمسى المواطن فيها غير آمن في سربه وغير مطمئن على ماله وعرضه..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن براك فيه الله وثق إنه براك في كل حين.