
بقلم / د. عبد العظيم حسن المحامي
ما فعلته قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) خلال حرب الخامس عشر من أبريل الجارية حالياً بالسودان لم تفعله أي كيانات أو جهات تم تصنيفها دولياً كمنظمات إرهابية. فالقتل والسحل والدمار الواسع الذي لحق بولايات ومدن وقرى وفرقان الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض وكردفان ودارفور علاوة على حركة النزوح واللجوء والاستهداف للبنيات الأساسية للدولة بواسطة هذه المليشيا لم تجعل من سبيل للقبول أو التعايش مع هذا السلوك الممنهج وغير المسبوق بل والمدفوع بحقد في تدمير كل ممتلكات ومقدرات المواطنين الشخصية اكثر من العسكرية.
*مهما كان* عمق الخلافات السياسية أو الايدولوجية فإن ما تم من توسيع لدائرة الحرب ضد المواطن بالطريقة التي مارستها مليشيا الدعم السريع فإنها، أي المليشيا، أثبتت على نفسها بأنها ليست لديها قضية من أجلها وسعت دائرة الحرب. فالمقارنة بين حميدتي وجون قرنق أو أي شخص قاد حركة مسلحة في مواجهة الحكومات المتعاقبة تعتبر ليست مقارنة بعيدة أو غير منطقية وإنما مجحفة. فبجانب جهله المعلوم، فشل حميدتي وكل قياداته في أن يقدموا ولو نموذجاً مشرفاً لكل من حاول أن يدعم موقفهم على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
*صحيح أن* النجاحات العسكرية التي حققتها ميليشيا الدعم السريع، بالذات مع ضعق القوات المسلحة في بدايات الحرب، كانت حقيقية ومؤثرة ميدانياً. كذا نجاح حميدتي في شراء ذمم سياسيين وعسكريين أعطت انطباعاً محليا وإقليمياً ودولياً بأن الحرب قد حُسمت لمصلحته. إزاء هذه الأوضاع المعقدة والحرب الممتدة فإن الدوران للخلف والتعامل المنطقي مع الأزمة السودانية يستوجبان إعلان ميليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية. سواء أن تم هذا الإعلان رسمياً، وعلى مستويات إقليمية ودولية، أو لم يتم فإن معظم السودانيين، وبما عايشوا من قهر وظلم في أنفسهم وممتلكاتهم فلا سبيل أمامهم غير الوصول لهذه القناعة الراسخة والتي لا تقبل التجاوز. أي محاولات لا تستصحب هذا الواقع ستجعل ما يدور خلف الكواليس من نقاشات بعيدة عما بلغته أحوال المكتوين بحرب ما زال كثيرون تائهون في إيجاد المداخل الموضوعية لحلها.