بقلم / لواء ركن ( م ) د. يونس محمود محمد
سجل البروف المجاهد ناجي مصطفى فديو لعقابيل ومخلفات الجنجويد في هروبهم الكبير ( المُر ) من عاصمة السودان التي لم تعصمهم شواهق مبانيها ونوافذ أبراجها التي تمترست فيها قناصات الحبشيات وأراذل النوير ، وهوام الصحارى ، وبغاث افريقيا ، فتزاحموا على دروب الهروب الى حيث جاءوا من حواضنهم في دارفور وبعض كردفان ، راضين من الغنيمة بالاياب ، وهم يتخففون من كل ما حملوه من أوزار المنهوبات تحت وقع الخوف الذي ملأ جوانحهم الخبيثة ، فالتقاهم الموت الذي فروا منه وهربوا بهذا الشكل المثير وكأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ، اقتحمت البوادي والشقاق وتبعثرت في القرى الخاوية ، وبقرب طريق الاسفلت امدرمان بارا ، فماتوا موتا جماعيا محيرا ، تراصت أجداثهم المنتنة على طول الطريق لمدى مئتي كليومتر ، الجثة حدو الجثة ، مثل موت الاسماك في الاجهاد البيئ كما يفسرها بعض علماء الاحيائيات ، وحولهم أرتال من العربات والنقليات المدمرة ، والأمتعة المسروقة تذروها الرياح وتصفر فوق اجسادهم الخاوية كأعجاز النخل في قصص العذاب لمن طغى وأسرف من الظالمين .
نعم ومن أظلم من الجنجويد في كل تاريخ الصراعات الانسانية المكتوبة والمروية ؟؟
هذا المشهد العجيب هو آية من آيات القدرة الالهية ، وشاهد عدل في الدنيا قبل يوم الحساب ، لانه اقتصاص من هؤلاء المجرمين ، وحياة لشعب شهد بأم أعينه اسرافهم في القتل وتجاوزهم كل حد وانتهاكهم كل حرمة .
هؤلاء الجبناء الذين ملأوا الأرض صفيرا بأنهم طلاب احدى اثنتين ( النصر أو الشهادة ) كذبوا أنفسهم ونكصوا على أعقابهم فلا تحقق لهم نصر ، ولم يصبروا حتى ينالوا الشهادة ، فقط تولوا هاربين بالمنهوبات ، فتلقمهم الموت بالآلاف على طول الطريق وبسعة الصحراء ، وبعمق انتشار القرى التي لاذوا بها بحثا عن طعام وشراب ، ولكنها كانت بفعلهم ( هم ) كانت مهجورة غادرها أهلها كُرها بسبب الجنجويد .
وهم يعلمون فداحة ما حل بهم من هلاك ، ويدركون خطر ماهم فيه تراجعات بلا نهاية ، ومع ذلك يتظاهر بعضهم بوقاحة ويتوعد أهل السودان وخاصة الشمال بأنهم قادمون لتكملة وتتمة ما بدأوه من تقتيل وسلب في الخرطوم والجزيرة وبقية ولايات الوسط ، وبالتأكيد هذه اعراض اعتلال نفسي تعويضي يُسُلون به أنفسهم المكسورة ، ويعزون فقدهم الكبير لكل مشروعات الوهم التي أوردهم اياها البعاتي وبئس الورد المورود .
إن موت وهلاك هؤلاء على قارعة طريق الهروب المر لهي النهاية المستحقة لمغامرات البعاتي والقحاطة ورعاة المشروع الصهيواماراتي ، فبعدما كانت التدفقات البشرية من دارفور وبعض كردفان وعمق الجوار الاقليمي لعربان الشتات ، وشذاذ المغامرين الافارقة ، وقطعان الارتزاق من تبو ليبيا وقرعان تشاد ، ومجارمة الجنوب والحبش ،تجاه الخرطوم ، أصبحت اتجاهات الهروب المعاكس طلبا للنجاة بمحاذاة طريق الصادرات امدرمان بارا الذي سيبقى أطول امتداد لمقبرة غزاة في التاريخ بطول مئتي كيلو متر لا يخلو فيها متر واحد من بقايا ورمم الجنجويد .
القوات المسلحة السودانية واسنادها من القوات المشتركة والبراؤن والدراعة والعمل الخاص وهيئة العمليات الان في كامل الجاهزية لتكملة طمر ما تبقى من الجنجويد ، وتتم المطاردات الساخنة في شمال وجنوب وغرب كردفان لتطويق شراذم الدعامة الهاربة المتهالكة ، والمضي قدما لفك حصار الفاشر ، وتحرير ماتبقى من مدن نيالا وزالنجي والضعين .
ليعلم من به شك في قدرة السودان على الحسم العسكري لهذه المليشيا المجرمة .
إنها والله بشارات النصر ، وأثمار دماء الشهداء الزكية ، ودعوات المقهورين الذين ظلمهم الجنجويد .
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
نصر من الله وفتح قريب


