مقالات الرأي

الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة..الأهمية القصوى في ظل ازمة الكهرباء الحالية في السودان

5Ws-service

بقلم عميد ركن مهندس بحري( م)/صلاح الدين محمد أحمد كرار

                       ( 4 )

اقتصرتْ الحلقات الثلاث التي تطرقنا فيها الي اهمية التحول الي استخدام الطاقه الشمسية بديلا للطاقه الكهربائية الحرارية. و اختصرناها علي اهميتها في المجالات التي تمس حياة الناس اليوميه ومصادر رزوق الفئات الضعيفة في المجتمع .

ورغم ان الطاقة الشمسية قد دخلت الي السودان منذ سنوات الا ان تكلفتها الابتدائية العالية و رسوم الجمارك والتمويل ، و عدم الوعي الكافي بها ، ادي الي تباطؤ انتشارها .

و لقد اثبتنا ان تكلفة انتاج كل كيلو واط طاقه شمسيه يوفر او يساوي ٢٠% من تكلفة انتاج كيلو واط طاقه حرارية تقريبا .

كما ان تكلفة شراء محطة توليد الف كيلو واط حراري ( واحد ميقا واط ) تساوي مليون دولار امريكي تقريبا . وهذا المثال يبرهن ايضا ان التكلفة الابتدائية او الانشائيه للمحطات الحرارية مرتفعة ، والتوليد المائي اقل بكثير من الحراري واقل منهما الطاقات المتجددة .

حتي ١٩٨٩ كان انتاج السودان من الطاقه الكهربائيه ( حراري و مائي ) فقط حوالي ٦٤٠ ميقا واط . هذا اذا علمنا انه في ذلك الوقت كانت مدينة بغداد وحدها تستهلك ٤،٠٠٠ ميقا واط وانتاج الامارات وقتها كان ١٤،٠٠٠ ميقا واط .

حتي نهاية فترة الانقاذ بلغ انتاج الطاقه الكهربائية حوالي خمسة الف ميقا واط ( المحطات الاضافية التي انشأتها الانقاذ : محطة ام دبيكرات ٥٠٠ ميقا واط ، خزان مروي ١٢٥٠ ميقا واط ، و ما يسمي بمحطات شركة سيمنس الالمانية منها محطات قري جوار مصفاة الخرطوم ، وتعلية خزان الروصيرص وتوفر وقود الفيرنس لمحطة توليد بحري الحراريه من مصفاة الابيض للتكرير . )

تدهور ذلك الانتاج قبل الحرب الي اقل من ثلاثه الف ميقا واط . والان اكثر سوءا.

ايضا حدث تحول كبير في الشبكة الناقله في عهد الانقاذ حيث تم انشأء الخط الناقل من الخرطوم الي عطبره ومن عطبره الي بورسودان . وكانت كل هذه المدن تعتمد علي التوليد الحراري المحلي المكلف .

كما تم ربط الشبكه القوميه بخط انتاج سد مروي مع الخرطوم عند الكيلو عشرين من سوق ليبيا علي طريق دنقلا مما ادي الي زياده واستقرار الامداد .

تم ايضا ربط مدينة الدويم بخط كوستي سنار .

لاول مرة يتم ربط غرب السودان بخط توزيع ناقل من كوستي الي الفاشر وباقي ولايات دارفور ، ثم خط الابيض كردفان الكبري.

و من المفارقات الكبري ان مدينة الرنك ( شمال اعالي النيل ) مربوطة حتي بعد انفصال الجنوب بخط ناقل تم تشيده حتي قبل الخط الناقل عطبرة – ابوحمد .

اما محلية البحيرة التي اغرقها سد مروي فلم تنعم بالكهرباء القوميه حتي يومنا هذا .

شانها شان محلية الدمازين التي يقوم علي ارضها خزان الرصيرص فلم تنعم بالكهربا ء الا عام ١٩٩٣ .

من هذا السرد نخلص الي ان دوله مثل السودان بمساحتها الشاسعه وقابليتها لانتاج الطاقات المتجدده ما كان يجب عليها الاعثماد كليا علي التوليد الحراري ، لان انتاج ، و نقل ، وتوزيع ، الكهرباء الحراريه اكثر تكلفة من انتاج الطاقه الشمسيه و طاقة الرياح والطاقة من مساقط المياه . لانه يمكنك تفادي مشاكل الخط الناقل المتمثلة في المحطات التحويلية و محولات الرفع و محولات الخفض الضروريه لتفادي الفاقد الذي يحدث بشبكات النقل .

السودان ينعم بمناطق يسهل فيها انتاج الطاقات المتجدده مثل الولايه الشماليه غرب النيل حيث تصلح لانتاج طاقه الرياح .

وشمال ولايات دارفور ، مثل كتم و مليط والمالحه والصياح وجبال الميدوب الي ان تلتقي بالولاية الشمالية وكل هذه المناطق تقع فوق بحيره الحوض النوبي العظيم الذي يمر بتشاد ثم السودان وغرب مصر وجنوب ليبيا. وصالحه لانتاج طاقة الرياح والطاقه الشمسيه لتروي تلك الاراضي الخصبة.

يوجد مشروع مدروس شمال الفاشر بحوالي ٤٥ كيلومتر تقريبا يسمي ( ساق النعام ) تقدر مساحته باكثر من مأتي الف فدان ( اقل قليلا من مشروع الرهد الزراعي ) ويروي من بحيره اسفله ، فقط كان يحتاج الي طاقه لرفع المياه وبه ارض خصبه تصلح لزراعة المحاصيل الشتويه واستقرار الرحل .

و كذلك ينعم جبل مرة بمساقط مياه يمكن ان تنتج منه كميات من الكهرباء تنير تلك ( الجنة المنسيه ) ( لو زرت مرة جبل مرة …..)

هيأ الله لي ان زرت كل هذه المناطق المذكور اعلاه وتحسرت علي هذه الفرص الضائعة .

و نشير هنا الي ان كل مساحة السودان تصلح لانتاج الكهرباء من الطاقه الشمسية .

بعد هذ الشرح لامكانيات هذا الوطن العظيم ، اخشي ان يصدق علي عجزنا وتقصيرنا هذا قول المتنبي :

ولم ارَ في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين علي التمام

اتردد كثيرا عن مواصلة هذه الحلقات واكتب عن التحول المطلوب الآن في مجال استخدام السيارات الكهربائية بدلا من سيارات الوقود الاحفوري ( بنزين ، جازولين ، غاز )

لاني ربما اكون قد دخلت مجال الخيال وحلقت بعيدا في وطن اعطانا الله فيه كل شي لنبني دولة عظمي ولكن قعدت بنا نفوسنا ، التي امل ان تتغير من بعدها نفوس الاجيال القادمة لتكون نفوسا كبارا ليصدق عليهم قول المتنبي ايضا :

و اذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسام

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى