
بقلم /محمد السماني
تفكيك وانهيار جيش صدام العراقى بكل قواته وعتاده وجاهزيته العالية والتى كانت على مراحل وفق حروب خطط لها عدو المنطقة الذى زرع نفسه وسطها وهو يعلم تماما انه يعيش وسط أعدائه فكان لزاما عليه حتى يعيش ان يسعى بكل السبل والطرق والمكر والدهاء الى تفكيكها ونزع مصادر القوة فيها سواء إقتصادية او عسكرية او صنع منها حليف يقود شعوب المنطقة وفق مايريد لما يريد فعمل عبر حلفائه وداعميه الغربيين الى إضعاف الدول العربية بل حتى الإسلامية منها التى لا تسير وفق ما تريده فكانت البداية تفكيك جيش العراق ونجاحه فى ذلك وماحدث فيه بعد ذلك من تقسيم وضعف وتردى اقتصادى وسياسى في العراق اغرى دولة الكيان إعتماد النموذج العراقى كهدف وغاية إستراتيجية فسعت وخططت وعملت غلى تفكيك بقية الجيوش العربية كإستراتيجية لأمنها القومى بسياسة النفس الطويل والتمرحل لكى لا يشعر بها احد وذلك حتى يحين الوقت المناسب للانقضاض عليها واحدة تلو الاخرى فكان الجيش الليبى ثم تبعه الجيش اليمنى ثم جاء الدور على الجيش السودانى ومع كل جيش تتبع اسلوب يتناسب مع طبيعة كل بلد وغالبا يكون المدخل عبر وكلاء وعملاء لها ليس بالضرورة ان يكونوا على إتفاق وتوافق معها ولكن يمكنها ترويضهم وصناعتهم عبر برامج سياسية عادة تتصادم مع ثقافة ومعتقدات شعوب المنطقة لتقود تغريب وتفيير هذه الشعوب وتمرد فيها وكذلك تزرع عبرهم الفتن القبلية والعشائرية والمذهبية والإثنية وتدعم بقوة التيارات المتمردة على تلك الدول وتقديمها للعالم على انها مناضلة وتطالب بحقوقها التى تنتهك وعبر شبكات العلاقات العامة واللوبيات الصهيونية فتدول قضيتهم الموهومة وتتبناها عبر المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان المفترى عليها فيبدأ الإستنزاف للموارد وتردى الاقتصاد ثم فرض عقوبات تضعفها وتضعف قدراتها العسكرية ثم المناورة للتطبيع الكاذب الذى تستفيد منه فى قياس مدى ضعف تلك الشعوب وانها فى وضع يجبرها للسعى لرضاها والتطبيع معها وهى لا تريد تطبيع حقيقى بل كسب الوقت وإيهامها بالأمان والاستقرار وحل كل مشاكلها وهنا يبدأ الفصل الاخير وهو تفكيك الدولة واول ماتفككه هو القوات المسلحة وإبدالها بمليشيات متعددة على اساس عشائرى او مذهبى او إثنى حتى يسهل تفكيكها فيما بعد وتكون الدولة وصلت مرحلة اللا دولة اى دولة منهارة تماما.
ولكن عندما جاء الدور على الجيش السودانى كانت بدايتها موفقة ولكن انقلبت عليها كل الموازين رغم دقة التخطيط وشراء العملاء والصمت الدولي وتعاون دول الإقليم ولكن تلخبطت كل حساباتها بعد أن استطاع الجيش السودانى النهوض بكل قوة وثبات فاجأ به الجميع حتى ان امريكا اقرت بان الجيش السودانى فأجاءها بقوته وتماسكه وشدة بأسه وعبقريته العسكرية فى إدارة المعركة الوجودية فتحول الجيش السودانى من الضعف الى القوة ومن الحصار الى الانتشار فأصبح هو المحاصر ( بكسر الصاد) ومن المدافع الى المهاجم وحقق الانتصار تلو الانتصار وكل يوم يسترد ارضا وعزا ويحقق وحدة يسانده الشعب بقوة وإيمان بالقتال معه وبالدعم المعنوى والمادى والتعاون والتأمين والبناء والتعمير فأثبت وجوده وزاد قوة على قوة وتماسك على تماسك واستطاع بناء قدراته التى فقدها فى الفترات السابقة فاصبح جيش ( لا يُداوس) وبنى ثقة قوية بينه وبين الشعب فصاروا جيش واحد شعب واحد.
إن هذه الانتصارات وهذا التقدم وهذه القوة الخارقة التى اذهلت اعدائه اثارت حنقهم فارتدوا على أعقابهم خاسرين ليبدأوا فصل آخر من التآمر وهو العودة الى مربع العقوبات والحصار ولكن لن ينجح هذه المرة لاننا خلال عشرات سنوات العقوبات والحصار تعلمنا كيفية التعايش معها وتحقيق التقدم وعلمنا دوائها وطريقة التعامل معها وكما أن موازين القوة العالمية تغير ودخل لاعبون آخرون فأنتهى عهد القطبية الاحادية ونقول لهم بكل ثقة ( شوفوا غيرها) فهى اصبحت بضاعة كاسدة وتجارة خاسرة.
وقفة
يجب ان لا تؤثر العقوبات الأخيرة على معنويات الشعب والجيش فهى مهما بلغت لن تفعل أكثر مما فعلت من قبل والتى استطاع السودان برغم وجودها ان يتماسك ويتوحد ويزرع ويصنع وينتج ويصدر ويعيش.

