مقالات الرأي

المستشار الطيب شيقوق يكتب ل”5Ws-service”: نحو ديمقراطية رشيدة لحكم رشيد

تعقيباً على مقال رئيس التحرير حول المعارضة

على الرغم من اتفاقنا مع الأستاذ أحمد التاي، رئيس تحرير صحيفة (5Ws-service) الإلكترونية، حول أهمية المعارضة كعنصر أساسي في النظم الديمقراطية، إلا أن التجربة السودانية، كما هي الحال في العديد من دول العالم الثالث، كشفت أن المعارضة لم تكن دائمًا قوة دافعة للإصلاح، بل قد تتحول في كثير من المواقف إلى أداة للهدم السياسي، مما يضر بالمصالح الوطنية العليا.

إن المعارضة الرشيدة الديمقراطية الحقة، أخي أحمد، هي العمود الفقري لأي نظام سياسي متوازن، فهي الصوت الناقد الذي يضبط إيقاع الأداء الحكومي، ويضمن عدم انحرافه عن المسار الصحيح. غير أن هذا الدور الحيوي لا يتحقق إلا عندما تكون المعارضة مسؤولة وواعية، تضع مصلحة الوطن فوق الاعتبارات الحزبية الضيقة.

برزت خلال فترة الديمقراطية الثالثة في السودان محطات مفصلية كشفت عن مدى تأثير الصراعات الحزبية على المصالح الوطنية. لقد كانت اتفاقية الميرغني-قرنق واحدة من أهم هذه المحطات، حيث مثلت فرصة نادرة لتحقيق السلام والاستقرار، إلا أنها واجهت عراقيل بسبب التنافس السياسي والحسابات الضيقة. فقد تردد السيد الصادق المهدي في اعتمادها، بحجة الحاجة إلى مزيد من الإيضاحات، وهو ما أدى إلى ضياع فرصة تاريخية كان يمكن أن تغير مسار السودان وكان يمكن تفادي انفصال الجنوب. إن تغليب المصالح الحزبية على المصلحة الوطنية كان ولا يزال من أكبر العوائق أمام التقدم السياسي في السودان.

إبان فترة الديمقراطية الأولى، عندما كان موضوع اتفاقية سحب مياه النيل أحد الملفات المطروحة في البرلمان، وقف السيد محمد أحمد المحجوب، زعيم المعارضة آنذاك، مخاطبًا الجميع بعبارته الشهيرة: “We must overlook our differences in order to obtain the maximum possible yield from this agreement.” لقد كانت هذه الكلمات نداءً وطنيًا خالصًا، دعا فيه المحجوب جميع القوى السياسية إلى تجاوز خلافاتهم من أجل الحفاظ على حقوق السودان المائية وعدم التفريط في قطرة ماء واحدة.

أما قضية أميرة الحكيم، فرغم أنها كانت قضية عادية، يمكن أن يُترك أمر التحقيق فيها للمؤسسات العدلية، إلا أن الإعلام المسيس، الذي تحكمه المصالح الحزبية الضيقة، وأخص بالذكر هنا صحيفة “ألوان”، استغلتها لتصفية حسابات سياسية، مما أثر حتى على مجريات التحري.

يبقى السؤال: مع كل هذه التجارب، هل نحن اليوم قادرون على تجاوز خلافاتنا كما دعا المحجوب، ووضع المصالح الوطنية فوق الاعتبارات الحزبية؟ أم أن التاريخ سيظل يعيد نفسه، لتبقى الانقسامات السياسية عقبة كؤود أمام طموحات الوطن والمواطن؟

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى