
بقلم/سمير سيّد عثمان
أيها الشباب المؤمنون رواد العلم والخبرة حملة الشُّعلة في زمن الانتصار ..
لقد آن الأوان لتسمعوا نداءَ الأرض التي تنفست أحلامَكم وتغذَّت من عروق أجدادِكم وتجرَّعت مرارة الغدر مِن جيرانٍ خانوا حسنَ الجوار فطعنوا ظهرا بعد أن فتحنا لهم القلوبَ والأبواب ..
لقد انتصرنا على التمرد بصلابة إيمانِنا ..
وطهرنا سماء الوطن من غبار الخيانة والآن حان وقت البناء ..
لا تنتظروا مُنحة من سماء أخرى فالسماء لاتمطر ذهبا ..
ولا تَطلبوا يدا تُنعش أحلامَكم ..
فاليد التي تمسك المشرط لتجري عملية لإنقاذ حياة..
هي نفسها التي تمسك البندقية لترد عدوانا عن الوطن ..
والعقل الذي يبدع في مختبر العلم هو نفسه العقل الذي يخطط لمستقبل يليق بامه لا تركع..
فالشعوب الحيّة لا تقيم صَرح مجدها إلا بسواعد أبنائها ..
صوت الوطن يناديكم أنتم الجيل الذي اختاره الزمن بانتصاركم ليكون حارس النهضة وحامل لواء العزَّة ..
في عقولِكم علوم تَفتح أبواب المستقبل وفي قلوبِكم إيمان يذلِّل الصعاب وفي أيديكم خبرات تُحيي الأرض المَوات ..
صرخة الوطن تقول لكم اُنظروا حولكم فالمجال رحب للعمران ..
في الصناعة نحتاج إلى بصيرتكم وفي التربية إلى حكمتكم وفي الزراعة إلى سواعدكم وعزيمتكم وفي التكنولوجيا إلى إبداعكم ..
لا فرق هنا بين مهندس وطبيب ومعلّم وفلّاح فكلكم حَجَرٌ أساس في صرح الوطن ..
فالوطن يستحق منكم ان تكونوا جندا في كل ميدان طبيبا يسعى لعلاج جراح الأمة وعالما يبحث عن سر القوة في ترابها جنديا يراعى حدود السماء على أرضها ..
لقد ضرب الجُبناء من حولنا مثلا في الغدر فليكون ردُّنا عليهم أن نَبني وطنًا يَشهد التاريخ بأن أبناءَه لم يَنحنوا إلّا لله ولم يرفعوا الراية إلا راية العزَّة ..
لا تنسوا أن التحدي الأكبر ليس في إسقاط الأعداء بل في بناء حضارة تَصنع الحياةَ الكريمةَ لشعب عانى الويلات ..
يا مَن تحملون في صدوركم قلبا يخفق حبا وعشقا للوطن ..
اِعلَموا أنَّ الأمانة ثقيلة لكنها شرف لا يدانيه شرف ..
اِبدَأوا الآن من مكانكم بكل ما أوتيتم مِن قوة اِغرسوا شجرة اِرفعوا جدارا علِّموا طفلا اِكتشفوا علاجا طوِّروا آلةً ..
فالشعوب الحية تخلق من المحنة مفتاحا لمجد ومن الألم مصباحا لامل ..
لا يحقِّرنَّ أحدُكم عملا صغيرا فالنهر يصنعه تجمّع القطرات ..
واذكروا دائما أنَّ الله لا يضيع أجر من أحسنَ عملًا ..
فبِإخلاصكم ستنهض الأمة وبِهمتكم سَتتحدَّى الأعاصير وبِإيمانِكم ستكونون خير جيل تسجلُه كتب التاريخ جيل حوَّل الآلامَ إلى إنجاز والدمار إلى عمران واعجاز والخيانة إلى درس للعبرة ..
تذكروا دوما ان التاريخ لا يحفظ إلا أسماء الذين صنعوه لا الذين اعتذروا عن صنعه..
هيّا أفيضوا على أرضِ الوطن من حبِّكم فالحجر ينطق إن مسَّته يد المخلصين ..
والله نسأل أن يَكون نصركم هذا البناء شاهدا على أنَّ أبناءَ هذه الأرض أُسود في الميدان ورموز في السَّلم ..
فالنور الذي ننشده لن يأتي إلا من شعلة أيدينا ..
والله لئن اجتمعتم على حب الوطن لتصنعوا ما تعجز عنه الجبال ..
لتكن اغنية الوطن ..
وطننا .. ليس حلما ننتظره بل وَعد نصنعه ..
سمير سيد عثمان