تقارير وتحليلات

بعد الحرب…”4″ سيناريوهات تهدد مشروع التحول الديمقراطي في السودان

قراءة في المشهد السياسي السوداني

تحليل/أحمد يوسف التاي 

(1)
بعد نهاية الحرب، سيجد السودانيون أنفسهم أمام معضلةِ شكل الحكم الذي يريدونه، وسيبرز السؤال المكرر الذي مله الناسُ من فرط تكراره وهو: كيف يُحكم السودان؟
التحول الديمقراطي هو البضاعة التي تحاول كل الأحزاب تسويقها، سواء الذين يؤمنون بها حقاً أو الذين لا يؤمنون بها أصلاً بل يعتبرونها شراً مستطيراً ويناصبونها العداء، وهؤلاء احياناً يضطرون للتمسح بردائها من أجل القضاء عليها ووأدها.
لذلك، بعد نهاية الحرب ستكون المنطقة الوسطى التي يلتقي فيها كل الناس هي التحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وهذا الآن ما يروج له حتى الخطاب الإعلامي للحكومة..(خارطة الطريق المعلنة).
شعار التحول الديمقراطي سيرفعه دعاة الديمقراطية، وكذا المتآمرون عليها المتظاهرون بها، ويرفعه أيضاً الخائفون من الديمقراطية لضعف أوزانهم السياسية وانعدام الثقل الجماهيري لديهم.
وفي تقديرنا ان ما سبقت الإشارة إليه يشكل الآن أبرز التحديات والعقبات والمتاريس التي تواجه الديمقراطية الرابع في السودان.

(2)
من التحديات والعراقيل المحتملة التي تواجه مشروع التحول الديمقراطي يمكن تفصيلها على النحو التالي:

(أ) الطموح الشخصي لدى بعض العسكريين:
صحيح أن البرهان أعلن أكثر من مرة أن الجيش لا يرغب في الحكم بل يسعى للابتعاد عن السياسة، لكن واقع التجارب المحلية والخارجية يجعل هذا الكلام بحاجة إلى ضمانات ، ربما  يكون ذلك  توجهًا حقيقيًا أو ربما تكتيكيًا. فليس هناك من الضمانات ما يجعل حديث البرهان عن اعتزال الجيش السياسة والحكم أمرًا حتميًا ومسلمًا به. ربما تأتي الكثير من المستجدات المصنوعة أو الطارئة التي تجعل القوات المسلحة تعتقد أنها الجهة الوحيدة القادرة على حكم السودان في ظل مهددات أمنية حقيقية أو غير ذلك. فإذا أراد ثلة من العسكر الحكم فإنهم لا يُعدمون التبرير لذلك.

(ب) ضعف القوى المدنية التي تتبنى النهج الديمقراطي:
يشكل الضعف الشديد والهزال الذي تعاني منه قوى الحراك الثوري والقوى المدنية الديمقراطية أكبر تحدٍ وأكبر عائق أمام مشروع الديمقراطية الرابعة في السودان. حيث تعاني هذه الكيانات من ضعف التنظيم والهيكلة والخبرات والتأهيل، ومن عدم توافر المال اللازم لتمويل أنشطتها وتدريب كوادرها.
كما أنها تعاني من ضعف النهج الديمقراطي داخلها، فضلاً عن مظاهر الانشقاقات. وأظن أن هذا أكبر تحديات التحول الديمقراطي ومتطلبات الممارسة الديمقراطية.

(ج) بروز القوى التي لا تؤمن أصلاً بالديمقراطية:
من التحديات التي تواجه مشروع التحول الديمقراطي في السودان خلال الفترة المقبلة هو بروز القوى التي لا تؤمن أصلاً بالديمقراطية كأكبر قوى سياسية منظمة ومرتبة وتمتلك المال والكوادر والخبرات.
هذه القوى، وأعني بها “المؤتمر الوطني”، تشكل تهديداً لمشروع التحول الديمقراطي المقبل، وذلك لتمدده في المساحات الفارغة التي تركتها القوى الأخرى بسبب ضعفها، بما يمكنه من الفوز في أية انتخابات مقبلة على المدى القريب.
فوز قوى لا تؤمن بالديمقراطية أصلاً في أي انتخابات مقبلة سيكون خصماً على تجربة التحول الديمقراطي.

(د) غياب الإدارة الديمقراطية داخل الأحزاب:
الأحزاب السياسية هي أهم ركيزة في الحكم الديمقراطي الرشيد، لكن تظل المعضلة الكبرى في غياب النهج الديمقراطي في إدارة الكثير من هذه الأحزاب.
فهي في مجملها أحزاب ديكتاتورية تفتقد النهج الديمقراطي، فكيف لها أن ترسخ للتحول الديمقراطي وتتحمل تبعاته وترعى “نبتته” حتى تخرج ثمراً من أكمامها؟

 

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى