مقالات الرأي

تاركو البحرية… خلف هذه التفاصيل عقلية سودانية خلاقة

متكأ ود العجب || طلال العجب

متكأ ود العجب || طلال العجب

في المتكأ  الأخير كتبت عن بداية قصتي، ولكن لم تنتهِ القصة هناك، بل تطوّرت العلاقة من خلال وكالة الرحّال بوينت للسفر والسياحة، إحدى مؤسسات مجموعة بوينت سودان، حيث شرفونا بأن نكون وكلاء رسميين لتاركو، بداية من تاركو السودان، وصولاً إلى تاركو البحرية بالسعودية. ومن هنا بدأ الفصل الثاني من قصة حبٍّ حقيقية مني لتاركو، كتبت سطورها الثقة، والاحترام، والعمل المشترك.

أما زيارتي الأخيرة، فكانت مختلفة… كنت في جولة عادية إلى مدينة جدة، لكن الله ساق إليّ خيراً دون ترتيب، فدلّوني على مطعم سوداني أعاد لي عبق الذكريات، وأشعل نار الحنين لوطني، ثم جاء الموعد المرتقب: زيارة تاركو البحرية. انطلقنا من حي الصفا نحو جنوب جدة، وتحديدًا باتجاه الميناء، وهناك… كانت المفاجأة بحي الهنداوية!
مبنى تاركو البحرية ليس مجرد مقر إداري، بل هو صرح يليق باسم السودان في بلد الحرمين، في قلب عاصمة الاقتصاد والنفط، في جدة التي تعج بالمنافسة والتطور. ما إن اقتربت من البوابة، حتى شدّني جمال المبنى وهيبته. واجهة زجاجية أنيقة، مدخل واسع يدل على الانفتاح، وشعار تاركو يزين البوابة كالعقد النفيس.
الدخول كان كمن يعبر من بوابة الزمن إلى مستقبل السودان الواعد. في الطابق الأرضي، استقبال فخم يجمع بين الذوق المعماري المعاصر والهوية السودانية الأصيلة. أرضيات لامعة، مقاعد أنيقة، استقبال يبتسم لكل قادم ويشعره وكأنه في وطنه.
ثم هناك السلم الداخلي، المهيب، الذي يشبه سلالم القصور الملكية، يقودك إلى الطابق العلوي حيث تبدأ تفاصيل الحلم المحقّق. مكاتب المدير التجاري، مدير شؤون الوكلاء، منفذي المبيعات، مشرف نافذة البيع، وقسم الشحن… كلها مصممة بذوق رفيع، تجمع بين العملية والجمال. الأثاث متناسق مع شعار تاركو، الألوان مريحة، والجدران تحكي قصة نجاح بصمت وأناقة.
شعرت وأنا أتنقل بين المكاتب، أن خلف هذه التفاصيل عقلية سودانية خلاقة، وعين ترى بعيداً، وقلب ينبض بحب الوطن. ما شاء الله، عيني باردة! كل شيء في المبنى يهمس لك بأن السودان بخير، وأن القادم أجمل، طالما هناك مؤسسات مثل تاركو تسير في هذا الدرب.
تاركو البحرية ليست مجرد شركة نقل بحري، بل هي تجسيد لحلم سوداني تم بناؤه بحب وعزيمة. واللافت في التجربة ليس فقط البنيان، بل الإيمان بالرؤية، وتطبيقها على أرض الواقع في بلد يعج بالتحديات.
في المقال القادم، سأحدثكم عن أعظم ما رأيت داخل هذا الصرح: الطاقم البشري الذي يدير تاركو البحرية بكفاءة، احتراف، وابتسامة سودانية لا تُنسى.
فترقبونا، فما زال في “متكأ ود العجب” الكثير من الحكايات التي تُلهم وتُشرف.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى