أحمد يوسف التاى

تاني إقصاء يا جمهوريين

نبض للوطن || أحمد يوسف التاي

بقلم /  أحمد يوسف التاي

(1)
دعا اليوم الحزب الجمهوري وهو احد احزاب تحالف قوى الحرية والتغيير الذي يتظاهر بالدفاع عن الديمقراطية، المهم أن الجمهوري دعا علناً إلى إقصاء حزب المؤتمر الوطني من خلال بيانه ..بل كانت عبارات الإقصاء بالبيان تحمل إلغاء الحركة الإسلامية بالكامل وإبعادها من الساحة السياسية..
توقفت كثيراً عند  عبارات الإقصاء تلك وأدركتُ يقينا أن الساحة السياسية مازالت تعاني وبشدة من أعراض ذلك المرض اللعين – الإقصاء – الذي فتك باستقرار بلادنا وامنها و كبلها بالقيود الثقيلة وتلك الأحزاب تبدو عاجزة عن اجتراح الحلول للازمات إلا بالإقصاء الذي ينتج الغبن والمرارات ويفسد الحياة السياسية تماماً ..
كتبتُ مرات عديدة عن خطر الإقصاء الذي هو أشد وأفظع الأدواء، وهو مرض فتاك لم يسلم منه حزب واحد في السودان ، ونتائجه كانت وخيمه وآثاره مؤلمة ومحزنة..ولقد عاشت كثير من الأحزاب اليسارية صنوفاً من الاقصاء في تجربة الثلاثين من يونيو..ولما آل إليها الأمر بعد ثورة ديسمبر جاءت تلك الأحزاب بأسوأ مما جاء به المؤتمر الوطني من فنون “الإقصاء” حيث  قررت إبعاد خصومها عن الساحة السياسية لمدة عشر سنوات وبالقانون..مما يعني انها استبدلت تمكين بتمكين اشد وانكأ، وإقصاء بإقصاء أسوأ، وفساد سياسي بآخر ودكتاتورية بأخرى افظع..
(2)
من أبجديات السياسة أن يكون  أي تنظيم سياسي حزباً ديمقراطيا يمارس الديمقراطية في نفسه لايجْرِمَنَّه شنئان الأحزاب الديكتاتورية التي لبست لبوس الديمقراطية من أجل الخداع والنفاق..يتوجب على اي حزب سياسي ممارسة الديمقراطية قولاً وفعلاً، يتعامل مع الآخرين بأخلاق الديمقراطية وضوابطها ومبادئها لا ينحرف نحو الانتقام وتصفية الحسابات والاقصاء والتنكيل بالمنافسين والخصوم السياسيين، إذا فعل ذلك فلايحق له أن يتبجح بالديمقراطية ويدعي أنه من انصارها.. (هي الديمقراطية لعب عيال)؟؟!!
(3)
قبيل الإستقلال في 56 وإلى يومنا هذا مرّت الساحة السودانية بكوارث وأزمات سياسية حادة وحروب ونزاعات وإنقلابات وضحايا ودوامة صراعات أدت إلى عدم إستقرار البلاد وتخريبها بالكامل.. أحداث متشابهة وأخطاء متشابهة ونكبات متشابهة ..وكلمة السر في كل ما حدث لبلادنا طوال ذلك التأريخ  الطويل هو محاولات “الإقصاء” المتكررة.. الإقصاء السياسي كان سببا رئيساً في عدم الاستقرار وكان قاسماً مشتركاً بين كل الأزمات والمُلمّات.. فما الذي يخيفكم؟ أسسوا أرضية صلبة للوقوف عليها، أرضية خالية من التزوير ومحصنة من الأساليب الرخيصة لتنتج انتخابات حرة ونزيهة ، ليحكمنا من يرتضيه الشعب بعيدا عن تزوير إرادة الجماهير وشراء الذمم.. فليأتي المؤتمر الوطني أو الشيوعي أو البعثي، أو الأمة..الخ.. مرحبا بهم جميعا إذا جاءونا عبر صناديق غير “مخجوجة” ولا مزورة …
(4)
“80” عاماً قضاها كهول السياسة وحوارييهم وأتباعهم في صراعات وخلافات  عظيمة ومقززة ومحاولات إقصاء زميمة بل تآمر لإلغاء للآخر عوضاً عن التنافس الشريف المنتج الذي يُحسِّن الأداء ويجوده ..وخلال العقود الثمانية لم يتعلم أحد من دروس الماضي ولم يتعظ احد من تجربة أو نكبة أو كارثة أو أي أزمة..
ندرك تماماً أن سبب كل “البلاوي” هو محاولة ” الآخر ” إقصاء “الآخر”..ونعلم يقيناً أن الإقصاء هو المعول الأسرع هدماً للأوطان ومع ذلك ليس في كنانتهم إلا ذلك “الهدّام”..
فكلما خرجوا من تجربة مريرة مثقلة بالدماء والأشلاء عادوا لتكرارها، أليس فيهم رجل رشيد…اللهم هذا قسمي فيما املك..
نبضة اخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق إنه يراك في كل حين.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى