بقلم /لواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد
(رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة الأسبق)
لم يتعلم الجنجويد درسًا واحدًا من كلما تلقنوه من الجيش وقوات اسناده ، ولم تردعهم مواعظ مصارعهم على عتبات مواقع الجيش ، ونزيف قدراتهم في ميادين القتال ، تحركهم غريزة القطيع ، ويوجههم زعيق الفحل على ذات درب السابقين على حرجه وخطورته بين مكامن الأسد وعرائن الفهود ، ويوميات القتال خلال العامين السابقين حافلة بمشاهد الانتحار التي مارستها تجمعات المليشيا أمام بوابات القيادة العامة ، وسلاح الإشارة ، والمهندسين والمدرعات ، مارستها في غباء غير مسبوق ، وباصرار غشيم ، حيث يساق حشد الجنجويد الى حتوفهم بذات الحجة ، ويتحصلون على ذات النتائج وهي الخسارة الفادحة في الأرواح والمعدات ، ولعل مئات الآلاف منهم قد قبروا في داخل ولاية الخرطوم وبقية ولايات الوسط ، وبرغم ذلك مايزال قطيع الجنجويد يهفوا أن يحكم السودان ، ويحقق الهدف ، ويخدم (القضية )، وبالتأكيد لا أحد منهم يدرك ماهية هذه القضية ، ولا يعرف من هم الفلول والكِيزان ، وكم عددهم ، وأماكن تواجدهم ، وماهي سماتهم وملامحهم المميزة ، وماهو سر العداء أصلا ، كل هذه التساؤلات لا تخطر للجنجويدي ( الأصلي ) على بال ، ما دام القايد حميدتي قال ، فالقول ماقال القايد .
هؤلاء المجرمين القتلة اللصوص ، تستدرجهم أعمالهم القبيحة ، وتستأصل شأفتهم دعوات المظلومين ، ولذلك يبرزون لمصارعهم أمام خطوط نيران الجيش والمشتركة ،
والشاهد ماقامت به المليشيا اليوم من هجوم على منطقة أم صميمة ، التي تبعد نحوًا من ستين كيلومتر غرب مدينة الأبيض ، وقد سيطر عليها متحرك الصياد منذ شهر مايو الماضي ، ثم أصبحت هدفًا لهم منذ دخولهم لمدينة الخوي في ذات الشهر ، ورفعوا سقف أمانيهم بالتقدم شرقًا تجاه الأبيض ، تملأ أشرعتهم رياح الوهم ، فحشد الشقي عبد الرحيم دقلو كلما وقع في دائرة نفوذه من نظار السؤ ، الذين مارسوا تجارة البشر بشكلها الصريح ، وأفرغوا القرى والفرقان من الشباب من أجل آل دقلو ، تحركت هذه القوات تجاه أم صميمة تحت وابل من القصف المدفعي ، والطيران المسير ، واشتبكت مع طلائع الجيش ومسانديه والمشتركة ، وهنا تكمن الفروقات النوعية في وعي القادة ، وادارة المعركة ، والمناورات ، والالتفاف ، فوجدت المليشيا نفسها في فخ مميت ، وليس أبلغ من صور أفراد المليشيا وهم يقفزون من العربات القتالية ويطلقون سيقانهم يسابقون الريح طلبًا للنجاة من رصاص الجيش والمشتركة ، وبالتأكيد سيشاهد البعاتي وعبد الرحيم ، سيشاهدان الأشاوذ يفرون ، يطوون الفلوات الرملية كأنهم سرب من النعام الأربد ،
تاركين وراءهم مئات الجثث ، والجرحى ، والآليات المدمرة ، والسليمة مغانم للجيش والمشتركة .
فهل سيعيد الجنجويد الكرة بالهجوم على أم صميمة لتلحق بهم ذات الخسائر ، وتصبح مدرعات كردفان .
ومقابل كل نصر مؤزر تحققه القوات المسلحة وقوات اسنادها ، هناك ثمن واجب السداد في مثل هذه المقامات العظيمة ، فتقدم فتية ونالوا الشهادة بإذن ربهم ، نسأل الله لهم القبول ، وحيا الله القيادات العسكرية التي لم تخذل شعبها ، وشفت الصدور بكل قرح تحدثه في هذه المليشيا المجرمة .
وعلى الشعب مواصلة الدأب في الدعم والإسناد بالمقاومة وحماية ظهر الجيش العظيم .
تاني تجو أم صميمة
بل بس..


