مقالات الرأي

تدخل صربيا في قضية السودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية: الأبعاد القانونية والتأثيرات المحتملة

 

بقلم/ الطيب مضوي شيقوق 

(محامي- ومستشار قانوني)

 

في تطور لافت في القضية المرفوعة من السودان ضد دولة الإمارات العربية المتحدة أمام محكمة العدل الدولية، والمتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ، أعلنت المحكمة بتاريخ 25 أبريل 2025 أن جمهورية صربيا تقدمت بإعلان بالتدخل في الإجراءات بموجب المادة 63 من النظام الأساسي للمحكمة.

 

هذا النوع من التدخل، المعروف بالتدخل التفسيري، لا يجعل الدولة المتدخلة طرفًا في النزاع، بل يقتصر على إبداء الرأي بشأن تفسير الاتفاقية المعنية بالقضية. وتُنص المادة 63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على ما يلي: “عندما تكون المسألة المعروضة أمام المحكمة متعلقة بتفسير معاهدة، يحق لأي دولة طرف في هذه المعاهدة أن تتدخل في الدعوى إذا رأت أن لها مصلحة قانونية في التفسير الذي ستصدره المحكمة.” وبناءً على ذلك، يحق لأي دولة موقعة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية أن تتدخل لتقديم وجهة نظرها بشأن تفسير نصوص الاتفاقية، دون أن تكون طرفًا في النزاع ذاته.

 

يُرجّح أن صربيا، التي خاضت تجربة قضائية مماثلة أمام محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية في البوسنة، تسعى لحماية تفسير معين للاتفاقية، قد يكون مستمدًا من مصلحتها في خلق توازن قانوني بشأن المسؤولية الدولية عن جرائم الإبادة، خصوصًا ما يتعلق بالنية الخاصة، والمشاركة غير المباشرة، ومسؤولية الدول عن الأفعال المنسوبة لأطراف غير حكومية.

 

ورغم أن تدخل صربيا لا يغيّر من كون النزاع ثنائيًا بين السودان والإمارات، إلا أنه قد يحمل تأثيرات قانونية مهمة، تتفاوت بحسب مضمون التدخل. فقد يكون التدخل مفيدًا للسودان، إذا دفعت صربيا نحو تفسير موسّع للاتفاقية يشمل المسؤولية غير المباشرة، مثل تمويل أو تسليح أطراف ترتكب جريمة الإبادة، وإذا شددت على واجب الدول في منع الجريمة وليس فقط الامتناع عن ارتكابها. كما سيكون تدخلها في مصلحة السودان إذا استحضرت سوابق قضائية تدعم أطروحة السودان بشأن العلاقة السببية بين الدعم الخارجي ووقوع الجريمة.

 

وفي المقابل، يكون التدخل غير مفيد أو سلبيًا إذا دافعت صربيا عن تفسير ضيق للاتفاقية، يحصر المسؤولية في الفاعل المباشر فقط، أو إذا قدمت موقفًا محايدًا يميل ضمنًا لمصلحة الإمارات، عن قصد أو دون قصد، عبر تأويلات قانونية أو لغوية دقيقة. وقد يكون من غير المواتي أيضًا أن يربك تدخلها تركيز المحكمة على الوقائع الأساسية في دعوى السودان، بسبب الجوانب التقنية أو التاريخية التي قد تثيرها.

 

يبقى تدخل صربيا، من حيث الشكل، أمرًا قانونيًا سليمًا ومشروعًا في إطار آلية تفسير المعاهدات. أما من حيث المضمون، فإن فائدته أو ضرره على قضية السودان تعتمد بشكل كامل على المرافعة التي ستقدمها صربيا، وعلى الطريقة التي ستتعامل بها المحكمة مع ذلك التفسير في ضوء الوقائع والأدلة المقدمة من الطرفين الأساسيين. ومهما يكن، فإن انضمام دولة مثل صربيا إلى النقاش يضيف بُعدًا قانونيًا دوليًا قد يؤثر في تطور الاجتهاد القضائي بشأن الإبادة الجماعية، ويعزز مكانة القضية السودانية في أروقة العدالة الدولية.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى