تقارير وتحليلات

تشهد حراكاً محموماً وسياجاً من التكتم .. الساحة السودانية تترقب مولوداً جديداً  

5Ws-service

تحليل / أحمد يوسف التاي  

(1)

بإلقاء نظرة عامة على المشهد السوداني، مع الأخذ في الاعتبار الجانبين العسكري والسياسي، يمكن للمراقب السياسي أن يلاحظ بوضوح أن حمى العمليات العسكرية في السودان، رغم ما يحدث من مناوشات هنا وهناك، قد شهدت حالياً انخفاضاً ملحوظاً، خاصة بعد هزائم وتراجع وانسحابات قوات الدعم السريع.

بالمقابل، يلاحظ أيضاً ارتفاع حرارة التحركات السياسية والدبلوماسية على مستوى قيادة الجيش والمخابرات ورؤساء أقطار إقليمية ودولية، بهدف إنهاء الحرب في السودان والانتقال إلى مدنية الحكم.

الفرضية أعلاه ليست مجرد تخمينات أو تكهنات لا تقوم على أسانيد ومنطق، بل تقف على معطيات قوية ومؤشرات متسقة مع بعضها، وقرائن أحوال منسجمة فيما بينها.

(2)

من المعطيات المشار إليها في النقطة أعلاه يمكن الإشارة إلى خمسة منها على النحو التالي:

(أ) زيارة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إلى العاصمة السعودية الرياض الجمعة الماضية، والتي أُحيطت بسرية كاملة، وما أسفرت عنه من نتائج. وقد سبق أن كتبنا عنها في حينه.

(ب) زيارة رئيس جهاز المخابرات المصري الوزير حسن محمود رشاد للعاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان يوم الأربعاء الماضي، وحمله رسالة شفوية لرئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان. وهي أيضاً زيارة خاطفة أخذت نصيباً موفوراً من السرية والتكتم.

(ج) زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى العاصمة الإريترية أسمرا أمس الخميس، ولقاؤه بالرئيس أسياس أفورقي. وهي زيارة يغلب عليها الجانب الأمني أكثر، لطبيعة وفدها الأمني، حيث اصطحب قائد الجيش معه قائد المخابرات (رئيس جهاز المخابرات العامة الفريق مفضل).

(د) لقاء وزيري الخارجية السعودي ونظيره الأمريكي، وخروجهما ببيان مشترك أكد على ضرورة عودة الجيش وقوات الدعم السريع المتمردة إلى طاولة مفاوضات جدة، بغرض إنهاء الحرب والتحول نحو الحكم المدني.

(هـ) زيارة رئيس مجلس السيادة ورئيس جهاز المخابرات إلى تركيا، التي تأتي اليوم كخاتمة لهذا الحراك الأسبوعي المحموم الذي استمر أسبوعاً كاملاً من الجمعة إلى الجمعة. وينتظر أن يستمر الحراك الدبلوماسي والسياسي ليفتح باباً من الأمل لدى السودانيين في إنهاء أغرب وأخطر حرب مدمرة يشهدها السودان على الإطلاق.

(3)

الملاحظ أن كل المعطيات الخمسة أعلاه تصب في معين واحد، وهو تعزيز ودفع جهود السلام في السودان، وكيفية إنهاء الحرب، ودعم الاستقرار والانتقال نحو الحكم المدني.

كما يلاحظ أن كل ذلك الحراك تتسق نتائجه حتى الآن مع خارطة الطريق التي كشف عنها وزير الخارجية السوداني د. علي يوسف، الذي سبق البرهان إلى تركيا. وهي خطة أشارت بوضوح إلى إطلاق حوار سوداني سوداني لا يستثني أحداً، وإيقاف الحرب وفقاً للرؤية الحكومية المعلنة. وهي الرؤية التي تحاول الخرطوم الآن تسويقها في إطار الحراك المحموم الذي ينتظم الساحة السودانية، ويحاول الوسطاء والمسهلون الحصول على بعض التنازلات الحكومية الممكنة لصالح العملية السياسية.

(4)

ثمة أمر مهم يجب عدم إغفاله في سياق هذه القراءة، وهو أن التحركات السياسية والدبلوماسية لقادة الجيوش أثناء المعركة في غالبها تعكس مؤشرات قوية لنية الأطراف إنهاء الحرب بالوسائل السياسية والدبلوماسية عوضاً عن الحروب العسكرية، مما يعني أن مولوداً جديداً تنتظر الساحة استقباله.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى