تصريحات ياسر العطا و التقاطع مع دور الدبلوماسية السودانية

بقلم السفير/الصادق المقلي

يبدو أننا علي موعد مع إعادة انتاج ما كان يحدث في عهد الإنقاذ من تعدد مصادر و قنوات و صناعة القرار و إتخاذ المواقف فيما يتعلق الدبلوماسية السودانية، ،ولما يمكن تسميته بسياسة رزق اليوم باليوم.

الفريق ياسر العطا دأب علي إطلاق تصريحات و الإعراب عن مواقف للدولة هي من صميم ولاية وزارة الخارجية.. التي لاذت بالصمت بالرغم من صدور ردود الفعل العنيفة من الثلاث دول التي عناها ياسر العطا بتصريحاته. الامر الذي ينذر بالمزيد من التوتر في علاقات السودان مع هذه الدول و من بينها اثنان من دول الجوار الافريقي..

و لعل تضارب التصريحات و تعدد منابر و مراكز صناعة القرار في السياسة الخارجية بالتأكيد ستترتب عليه عواقب وخيمة و ستفاقم من العزلة الدولية و الإقليمية التي ظل يعاني منها السودان منذ انقلاب اكتوبر 2021..

ففي الوقت الذي يحتم علَيها ان تنتهج سياسة التهدئة في سبيل تجسير العلاقات و تخفيف التوتر في هذه العلاقات نجدها تلوذ بالصمت فيما يتخذ آخرون مواقف تصريحتات تصب في اتجاه التصعيد بدلا عن التهدئة.. Escalation raher than appeasement role.

و لعل من المفترض أن تعالج مثل هذه التصريحات التي دأب علي اطلاقها الفريق ياسر العطا من خلال وزارة الخارجية،، بحيث تعمل علي الحيلولة دون التضارب في الخطاب الرسمي للدولة و دون ان يلعب تعدد قنوات صناعة العلاقات الخارجية دورا عكسيا يضر بالامن القومي للبلاد.. و لا يصب في سياق الدور الأصيل المناط الدبلوماسية السودانية.. في رتق الفتق وتجسير العلاقات و العمل علي تقديم النصح لصناعي القرار في الدولة في سبيل العمل علي تجسير العلاقات مع دول الجوار و اعادة تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي و الإقليمي بصفة عامة.. بدلا من البصم على اي موقف او خطوة تصدر من صانعي القرار من الحاكمين في الدولة..

فما صدر من رد فعل علي تصريحات الفريق ياسر العطا في حق عدد من الدول و علي رأسها الإمارات و كينيا و يوغندا و تشاد ينذر بالمزيد من التوتر في العلاقات مع هذه الدول.

وزارة خارجية جمهورية تشاد اصدرت بيانا اعربت فيه عن إدانتها الشديدة لهذه التصريحات والتي قد تفسر على أنها إعلان حرب إذا تم تنفيذها.

وبحسب البيان من الممكن أن تؤدي مثل هذه الخطابات إلى تصعيد خطير في المنطقة الفرعية بأكملها. وتحتفظ تشاد بالحق المشروع في الرد بقوة على أي محاولة عدوان ضد بلادنا، مهما كان مصدرها. إذا تعرض متر مربع واحد من الأراضي التشادية للتهديد، فإن تشاد سترد وفقا لمبادئ القانون الدولي.))

(( ومن الضروري التأكيد على أن الوضع الحالي، المؤسف في كثير من النواحي، ناجم عن عدم مسؤولية القادة السودانيين، وليس تشاد)).انتهى ..

بدورها وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية جنوب السودان اعربت عن بالغ قلقها وإدانتها الشديدة للتصريحات العامة الأخيرة التي أدلى بها الفريق ياسر العطا،،، والتي أصدر فيها تهديدات بالعدوان العسكري ضد شعب وسيادة جنوب السودان وفقا لينانها الذي جاء فيه ايضا :

( إن التصريحات التي صدرت في 23 مارس 2025، والتي أعلن فيها الفريق العطا استعداد الحكومة السودانية وقواتها المسلحة للتعامل مع من وصفهم بـ”الخونة” داخل جمهورية جنوب السودان تمثل انتهاكًا صارخًا لمبادئ حسن الجوار، والتعايش السلمي، والقانون الدولي) .

كما نقلت وسائل التواصل الاجتماعي تغريدة نسبتها للواء ركن/طيار أحمد بو طحنون.،/ نائب رئيس اركان القوات المسلحة الاماراتية صرح فيها بأن (( سلاح الجو الإماراتي قادر على دك أوكار الإرهاب أينما وجد على هذا الكوكب)) دون ان يسمي جهة بعينها…

.. و قد استبشرنا خيرا من تصريحات وزارة الخارجية التي تحدثت عن التواصل الدبلوماسي مع هذه الدول. َو لكن لن نري يوما تاليا لهذه الخطوة.

و الحال هكذا ينبغي علي السلطات ان تعمل علي الحيلولة دون التضارب فَي الخطاب الرسمي للدولة و أن تحصر المواقف و التصريحات في مجال العلاقات الخارجية للناطق الرسمي لوزارة الخارجية… فهي المناطة بها التعبير عن مواقف الدولة في كل ما له صلة او شان بالدبلوماسية السودانية.. و الحفاظ علي سياسة حسن الجوار.. و معالجة اي شكوي تتعلق بتذخل اي دولة في الشؤون الداخليه للسودان عبر القنوات الدولية و الإقليمية ذات الاختصاص…