
بقلم/ محمد السماني
كما ظللنا نقول ونكتب تكرارا ومرارا انه لا يحب ان نعود كما كنا قبل الحرب من سوء تخطيط وعشوائية وفساد و( رزق اليوم باليوم) فى كل ما يخص شأن الدولة السودانية التى نتمناها ان تكون جمهورية سودانية حرة ليس من الجنجويد وحسب بل حرة من كل كهنة الفشل والفساد ومن ديناصورات الاحزاب والوجوه التى مللنا منها فى الخدمة المدنية فنحن نريدها دولة تحكمها النظم وحسن الإدارة والتخطيط والطموح والأفكار الإبداعية والإنضباط والتجديد فى الخدمة المدنية وأن تتحول الحكومة بأسرع ما يكون للنظم الرقمية الحديثة والحمد لله السودان يمتلك بنية إتصالات تحتية ممتازة تحتاج الى التوسعة والزيادة لتواكب المرحلة القادمة .
ولكن قبل كل ذلك يجب ان لا تعود الخرطوم كما فى السابق مكبا للبشر غير الشرعيين من دول الجوار وأن تبدأ النظافة من الآن قبل ان تمتلئ من جديد مما يصعب معها الحصر والضبط.
ومن ناحية أخرى يجب ان تضع الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات فى الإعتبار معضلة النزوح الكثيف والخطير لولاية الخرطوم الذي كان طيلة السنوات السابقة من العهد الاسبق وإلى اليوم والعمل على الحد منه بسياسات عاجلة لا تحتمل التواني و التأجيل والتأخير تتمثل فى إعادة الخدمات من مياه وكهرباء ومشافى ومراكز صحية وفتح وتأهيل المدارس والارتقاء بالتعليم وفتح الأسواق ونزول الشرطة وانتشارها فى كل مدن ومراكز وقرى الولايات المستقرة.
أما الإجراءات الأخرى فهى تحتاج الى تمويل كبير وعمل بإخلاص واجتهاد وتخطيط مثل الزراعة ورعايتها بإحياء كل المشاريع المروية والمشاريع الإستثمارية والزراعة الآلية والإهتمام بقطعان الماشية وخدماتها البيطرية فالزراعة واحدة من أقوى الأسباب التى تجعل مواطنى الولايات فى ولاياتهم ولا ينزحون الى ولاية الخرطوم والعيش فى هوامشها بحثا عن عمل وبالطبع يجب أن تكون الزراعة ذات عائد مجزئ ولا تكن كما يسميها بعض الاهالى (غضب الوالدين) ، وحتى يقوى ارتباط إنسان الولايات بمنطقته يجب ان تقوم مشاريع تنموية كبرى فى كل الولايات بحيث تحتاج للأيدى العاملة من العامل البسيط الى اعلى الدرجات الوظيفية مثال لها التصنيع الغذائي والدوائي مثل السكر والزيوت والالبان والصناعات الخفيفة ومصانع الاسمنت والحديد والبلاستيك والكثير من الصناعات سواء عبر مستثمرين تقام لهم مدن صناعية مجهزة او عبر بيوت التمويل المحلية والعالمية وليعلم اصحاب القرار ان المال إن لم يذهب إلى الناس فى أماكنهم فسوف يذهب الناس إليه فى مكانه.
وايضا هناك عامل آخر مهم يقلل من حالات النزوح لولاية الخرطوم وهو النقل و المواصلات اللتان متى ما كانا ساهلين ومريحين زهد الناس فى النزوح والاستقرار فى العاصمة وقد رأينا فى السابق كثير من اهالى الجزيرة يقيمون فى الجزيرة ويعملون فى الخرطوم بسبب سهولة وصولهم لها وحتى تتحقق هذه السهولة والسرعة والراحة فى المواصلات تحتاج الدولة لإنشاء شبكة طرق جيدة آمنة من غير حوادث بطرق مزدوجة بمسارات متعددة تجعل الانتقال بين الولايات امر فى غاية الراحة والأمان وتعكس نمو وتطور البلاد ولكن قبل ذلك يجب قيام كل الطرق التى توقف تنفيذها بسبب الفساد وسوء الإدارة أو بسبب الحرب فاغلبها طرق في مناطق الإنتاج ومناطق نحتاج للإنسان أن يقطنها حتى يفلح الأرض ويرعى الماشية ويحرك عجلة الإقتصاد الوطنى
وقفة
إن لم تسعى الدولة بجدية فى ما ذكرناه فستعود الخرطوم كما كانت مكتظة ومليئة بالعشوائيات والنازحين والمشردين وجيوش من العطالى من أصحاب المهن الهامشية مما يهدد أمن البلاد والعباد وتفرغ الولايات من أهلها إلا من العجزة وكبار السن والنساء والشرائح الغير منتجة وحينها يكون الرماد كال حماد.