صبري محمد علي "العيكورة"

حكايتي مع الكتابة (١-٣)

بعيداً عن السياسة)..صبري محمد علي (العيكورة)

بقلم/صبري محمد علي (العيكورة)

أولاً يجب أن أعترف أنني أحد ضحايا الدراسة تحت تأثير دُفُوعات المُجتمع في ذلك الزمن

فكل أسرة كانت تريد لإبنها أن يصبح طبيباً أو مهندساً وغيرها من المهن ذات التوجه العلمي

ولم يكُن هُنالك أي إعتبار وإستعداد لسبر غور عقلية وهواية إبنها لتدفعها نحو المِيُول الذي تجد نفسها فيه فهكذا مضت بنا الحياة

الطفولة ، الصبا ، المرحلة الإبتدائية ، المرحلة المتوسطة بالعيكورة كأقراني وسط إستقرار أسري ومعيشي سعى الوالدان رحمهما الله رحمة واسعة الى تأمينه للأسرة في سبيل أن تعبر رحلة التعليم بلا مُنغصات

وقد كان لها ما أرادت يوم أن تحلّقت الأسرة والجيران ذات عصر بهي حول المذياع لإستقبال قبول إبنها بمدرسة حنتوب الثانوية وما أدراك ما حنتوب يوم ذاك

وهناك كانت لنا قصص وحضور مع الليالي الأدبية والمسرح والشعر والرسم
وكلها تقول ….

أن التوجه يجب أن يمضى نحو دراسة المساق الأدبي ولكنها إرادة الله ثم رغبة الأسرة !

خلال سنوات حنتوب الذاخرة بعنفوان الشباب والمنافسة الأكاديمية الشرسة

إكتشفتُ أن ما إلتهمته من كتب سلسلة الكاتب المصري (كامل الكيلاني) خلال العطلات بالقرية كانت هي أول من سرق عقلي و رسم توجهه الأدبي وما كُنتُ أعي ذلك

ثم جاءت المرحلة المتوسطة لتكمل الجمعية الأدبية الأسبوعية وأستاذي المُبجّل علي بشير أحمد الناقصة كما يُقال في سبر غور الشجاعة الأدبية والخطابة بلا وجلٍ في حضرة الآخرين

كل تلك المحطات هي ما ساهمت في تشكيل الميول الأدبي الباكر ولكن كما ذكرت ما كان لي أن أواجه به مجتمع يرى في جيلنا الطبيب والمهندس كأعلى مراتب العلم

ولم أكن ساخطاً على هذه الرغبة المجتمعية

ولن أنسى يوم أن زارنا إبن خالتي المرحوم الدكتور عمر عبد الله الطيب العائد في إحدى عطلاته من دولة الأمارات العربية المتحدة

زارنا بمدرسة حنتوب ذات يوم وأغدق علينا من العطاء النقدي ومن معي من أبناء القرية ما أتخم ميزانياتنا المحدودة لشهور قادمة

كذلك زيارة المهندس الزراعي والخريج يومها و(البروف) حالياً حسن إبراهيم محمد أحمد التاي بالعربة (اللاند روفر)الجديدة وهو متجه لإستلام عمله بمشروع الرهد الزراعي

إبتعاث إبن الخال محمد الطيب حقار (ملود) لألمانيا للحصول على درجة الماجستير في وقاية النباتات

كلها كانت مغريات و دوافع أن لا تراجع عن المساق العلمي الذي لم أكن أجد نفسي فيه إلا من زاوية رغبة الأسرة

جاء قبولي بجامعة الإسكندرية كلية العلوم قسم (الجيلوجيا) لتكمل في داخلي الضلع الناقص من التوجه الأدبي في حرية الحصول على أمهات الكتب وما أدراك ما (محطة الرمل) بالإسكندرية و(ممدوح) صاحب أشهر مكتبة للجرائد اليومية والمجلات الإسبوعية يعرضها جنباً الى جنب مع كتب نجيب محفوظ ، العقاد ، أنيس منصور ، فاروق شوشة ، فاروق جويدة ، توفيق الحكيم وغيرهم هذه البيئة أتاحت لى فرصة ثمينة أن أروي بعضاً من نهم القراءة والإستزاده مُلطًِفاً بها (جفاف) مادة الجيلوجيا والكيمياء والمعامل حتى تخرجت بكل عثراتها و تأخيرها

فترة الإسكندرية وتحديداً كلية العلوم القابعة بحي (كوم الدِكّة) بمحرم بك في الربع الأول من ثمانينيات القرن الماضي جمعتني بزمالة الصديق حسين ملاسي الكاتب الصحفي المعروف وبزميلة (البايوكمستري) منى سلمان أحمد وهي الكاتبة الروائية المعروفة ولها كتابات تحولت إلى أعمال درامية .
حقيقة حتى اللحظة لا أعلم أنهما أي (مُنى و ملاسي) قد(تاها) ذات التوهان الذي عشته أنا بين المساق الأدبي والعلمي أم أن لدراسة العلوم أثر فى التوجه نحو الكتابة والإعلام
فلهما التحية والتقدير

ولكن يظل السؤال بعد مغادرة مقاعد الدراسة وإستهلال حياة إغترابي بالمملكة العربية السعودية فور التخرج ما الذي قادني للكتابة و من فتح لي أول باب وما هي المواقف التي لن أنساها ولماذا أوقف الأستاذ ضياء الدين بلال مقالتي عن صحيفة (السوداني) وما هو موقف الصديق جمال الوالي يوم ذاك
(إنتظروني غداً بإذن الله)

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى