
بقلم /أحمد يوسف التاي
(1)
ليست هناك كارثة أو نكبة تحلُّ على الأوطان أشدُّ من المسؤولين الضعفاء العاجزين عن أداء دور رجال الدولة، ثم يأتي بعدهم في الإضرار بالأوطان المسؤولون الفاسدون، فهؤلاء جميعًا هم الكوارث الحقيقية التي تعطل النهضة ومشاريع التنمية، وذلك بإهدار أموال الدولة وتبديدها، والتردد في اتخاذ القرارات الصائبة.
وهؤلاء وأولئك جميعًا يلتقون في غريزة “حُب السلطة” ؛ فالضعفاء الخائرون العاجزون المنهزمون نفسيًا يسعون وراء السلطة لتغطية ضعفهم،والفاسدون يسعون وراءها لتحقيق مصالحهم الخاصة، فكلاهما “عبدة كراسي” ، وفي كل أوان تجدهم يتنازلون عن كل شيء من أجل البقاء في المنصب.
(2)
مسؤولو الدولة يجب أن يكونوا كـ *“التروس”* في الماكينة الواحدة، يشدُّ بعضهم بعضًا، ويديرون الماكينة الضخمة بقوة وهمّة، دون إبطاء من *“ترس”* أو توقف من *“آخر”* أو ضعف من أي *“ترس”*.
فإذا تعطّل أحد التروس، سيُبطئ عمل الماكينة وسيقلل من كفاءتها تمامًا حتى تتعطل كلها. هكذا هي الدولة؛ فهي بمثابة الماكينة الضخمة، والمسؤولون فيها *“تروس” تعمل بهمة وإخلاص دون تلكؤ إبطاء*.
(3)
*“السيستم”* المحترم يلفظ تلقائيًا “الترس” المعطوب ويكشف ضعفه وعواره في الحال ليتم استبداله بآخر قادر على العطاء والعمل.
أما *“السيستم”* الفاسد فلا يكشف عن المعطوب والضعيف، بل يتستر عليه حتى تتوقف الماكينة الضخمة كلها بسبب ذلك “الترس” المعطوب العاجز عن الأداء الجيد.
وفي المثل الشعبي يقولون: _“الشجرة ما برميها إلا عريقًا فيها”_.
وفي بعض الأحيان تجد أن *“السيستم”* الفاسد لا يقبل إلا *“الترس”* المعطوب أو الضعيف أو الفاسد المنسجم معه، لكنه في نفس الوقت يلفظ الجيد.
ووكذلك المسؤول الجيد النزيه لا يستطيع البقاء والعمل داخل المنظومة الفاسدة؛ فإما أن يخرج هو من *“الشبكة”* أو تخرجه *“الشبكة”* من منظومتها الفاسدة. ( أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون)، أو يلفظه *السيستم* الفاسد تلقائيًا لأنه لا يتسق معه.
(4)
المسؤول الضعيف يهدر وقت الدولة بالتردد في اتخاذ القرارات الحاسمة التي تصب في مصلحة الدولة والشعب، ويُدخل البلاد أو الولاية أو المحلية في خسائر كبيرة بسبب الضعف والتردد في اتخاذ القرار، ويهدر فرص التنمية والنهضة، ويمهّد الطريق لتمدد الفساد. ويتحول عهده في أي مستوى من مستويات الحكم إلى مرتع للتشوهات الاقتصادية وبيئة محفزة لنمو الفساد، وذلك بغياب الحسم والقانون، بعكس المسؤول القوي الحازم الحاسم الذي يرتجف الفاسدون والمتسلقون والانتهازيون لمجرد ذكر اسمه
(5)
ومثلما ان المسؤول الضعيف يهدر وقت الدولة وجهدها، فإن المسؤول الفاسد يهدر أموال الدولة، ويبدد الموارد العامة، ويتصرف في كل ما هو عام وكأنه “تركة” خاص به.
والمسؤول الفاسد أيضًا يهدر وقت الدولة وجهدها، ويضيع جهده ووقته في تغطية فساده وحماية نفسه من اكتشاف أمره.
لكل ما تقدم، نقول إن اختيار المسؤولين والموظفين لا بد أن يكون وفق معايير واضحة نزيهة وشفافة، تتماشى مع مقتضيات الحق والعدل والوجدان السليم. *اللهم هذا قسمي فيما أملك…*
*نبضة أخيرة:*
ضع نفسك دائمًا في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.