
بقلم /عزمي علي بلة
(كاتب سوداني وروائي وقاص مقيم بالإمارات)
في أحد المولات في مدينة كاتونايكي السيريلانكية لفت انتباهي قميص جميل فكرت في شراءه وبدأت أتفحص المعروض من القياسات ولم تكن تناسب قياسي وقبل التفكير في السؤال وصلتني البائعة بالمحل وأخذتني على طريقة أهل المبيعات، ومما أعجبني في طريقة كلامها أنها ركزت على موضوع أن القميص صناعة سيريلانكية خالصة ومن القطن الصافي ومن تصميم أحد دور الأزياء المحلية ولدينا منه تصميمان ضيق slim وواسع وعندنا منه كم طويل وكم قصير كما لدينا نظام الياقة العادية والياقة الصينية وممكن أوفر لك قياسا يناسبك يا سيدي. طبعا ازداد إعجابي بالقميص وبطريقة تقديم المعلومات حوله واعتزاز البائعة بصناعتهم المحلية وتصاميمهم التي لا تقل عن تصاميم دور الأزياء العالمية.
طبعا القميص خلاني اسرح بالخيال في منتجاتنا وطريقتنا في التعامل معها. تذكرت الدمورية الخشنة وزن عشرة ومن هذا الموقف بدأت التأمل في حالنا وكيف يمكننا أن ندخل في كثير من الأسواق العالمية لو تحركنا من محطة تعداد موارد بلدنا وخيراتها ودخلنا في مرحلة العمل والمثابرة.
بدون فذلكة طويلة الدمورية دي منتج سوداني خالص سواء كانت وزن عشرة أو وزن تسعة أو وزن ستة وللناطقين بغيرها الدمورية تكون أنعم كل ما نقص مقياس وزنها.
لكن الفرق بيننا وبين المثال أعلاه أنهم آمنوا بمقدراتهم وقدموا أنفسهم للعالم بينما نتجاهل نحن دموريتنا حيث كان بالإمكان أن يتوفر لدينا عدد من المصممين والمصممات كما هو الحال بالنسبة لتصاميم الثوب السوداني وتقديم تصاميم عصرية من خام الدمورية. طبعا موضوع البيع وتقديم المعلومات هذا موضوع آخر لكني أركز في هذا المقال على الجزء المتعلق بالتصميم والإنتاج ومن قبلهما الإيمان بذاتنا ومقدراتنا.
نحتاج أولا أن ننظر لهذه الخامة على أنها خامة قطنية راقية وتعتبر نقطة قوة بالنسبة لنا، ونؤمن نحن أولا بانها خامة ليست للتتمير ولا للحداد كما كانت تفعل حبوباتنا في الماضي. نحتاج أن نقدمها بشكل جديد للعالم وبمختلف الأشكال والاستخدامات. فهي فرصة ذهبية لتقديم منتج سوداني فريد إلى منصات الموضة العالمية. نحتاج عقد شراكات مع مصممين عالميين مع التركيز على كونها منتج مستدام يمكن استخدامها في تصاميم تراثية وأخرى عصرية ويمكن استخدامها في صناعة الملابس الجاهزة للرجال والنساء، واستخدامها في أزياء الشارع streetwear وصناعة الحقائب اليدوية وحقائب الظهر الخفيفة، ورواية القصص الثقافية عنها كمنتج فريد وتطوير تقنيات الطباعة والصباغة وابتكار نقوش مستوحاة من حضارتنا العربية الأفريقية. يعني بالعربي كدا ممكن نعبر بهذا المنتج لو تعاونا مع دور أزياء عالمية مثل Dior, Stella, Bottega Veneta, McCartney والمشاركة في أسابيع الموضة في باريس، ميلانو ونيويورك من خلال منصات مثل Fashion Scout أوVogue Talents
ويمكننا أن نعبر بها من المحلية إلى العالمية كما هو الحال بالنسبة للقماش الكشميري الفاخر والحرير الياباني الفاخر سنصل للدمورية السودانية الفاخرة.
كل شيء ممكن لو توفرت الرؤية والإرادة وكما يقال الفأل تحت اللسان.
عموما أنا مازلت مستمتع بخيالي عن قميص الدمورية وزن عشرة الذي لن ألبسه إلا في المناسبات الهامة
في الفجرية صانع بيصنع في المصانع
أريد عمال بلدنا وصوت المكنة طالع
بلدنا نعلي شانا يا ناس
سودانا نادانا