أحمد يوسف التاى

رسالتي الثانية إلى المواطن

نبض للوطن ||أحمد يوسف التاي

بقلم/ أحمد يوسف التاي

(1)
قلتُ بالأمس أن الطغاة يصنعهم الجبناء فلاتسهم في صناعة طاغية عن جبنٍ وجهلٍ بل كن عوناً للحق ولاتعن الظالمين..
الإنسان بطبيعة الحال مخلوق أناني، يحب ذاته كثيراً لدرجة الإفراط، وتلك هي الأنانية الممقوتة.. أما الإستثناء فهو نكران الذات والإيثار، وتلك درجة من درجات الإحسان والكمال الإنساني لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم..
الإفراط في الأنانية خلق ذميم يحمل الإنسان حَمْلاً إلى ظلم الناس، والتعدي على حقوقهم، واكل اموال الناس بالباطل من ربا ليربو في اموال الناس وغيره، علاوةً عن ممارسة الفساد والتزوير والإستحواذ…هذا على مستوى الأفراد والجماعات في معاملاتهم الخاصة..
(2)
أما على مستوى الممارسة السياسية داخل الأنظمة والأحزاب ، والكيانات فإن الأنانية المفرطة تحمل تلك الكيانات والأحزاب والأنظمة على إحتكار الثروة والسلطة وموارد الدولة كلها، وتكريسها لصالح حزب واحد أو أكثر من باب التعاون على العدوان وإقصاء الآخرين ومنعهم حقوقهم السياسية والدستورية، بدلا عن التعاون على البر والتقوى كما أمر ربنا عزّ وجلّ..
ولتعزيز سلطة الإحتكار والإستحواذ وإقصاء الآخر واستلاب حقوقه ونهبها تأتي تدابير القهر والتنكيلوالإعتقال والتعذيب والقتل ليخلو للظالم – سواءً أكان حزباً او نظاماً – وجه السلطة المستبد المتجهم ليُخضِع به المنافسين ويُذل به الآخر وبه ينكل الخصوم السياسيين.
(3)
الأنانية المفرطة وراء كل بلوى ، وخلف كل خطب عظيم وهي المحرك الأساسي لكل الأزمات والكوارث والمشكلات والصراع، سواءً على مستوى الأفراد او الجماعات أو الكيانات أو الأنظمة..فأينما وُجدت الأنانية المفرطة وُجد الظلم والفساد في الأرض وأكل أموال الناس بالباطل ومصادرة حقوقهم وممتلكاتهم، ووُجدت الجرائم بكل انواعها البشعة، ووُجد الصراعُ وحياكةُ الدسائسِ والمؤامراتُ السياسية والرغبةُ الملحة في تصفية الخصوم ما استطاع الخصم لذلك سبيلا، وحيثما وجدت الأنانية المفرطة توجد الحاجةُ الأمسُّ لإلغاء الآخر وإبعاده حتى لايفسد عل.ى الظالم بهجة الإنانية وشهية حب الإمتلاك المجنونة.
(4)
وأينما وُجدت الأنانية المفرطة تراجعت قيم الفضيلة من إيثار ونكران ذات لدرجة التلاشي حتى لكأنك تخالُ ان الأصل هو الأنانية المفرطة والنهم وماعداهما (مَسْكَنَة ساكت)..
نعود ونقول أن الإنسان بطبعه أناني ظالم مفتون بحب التملك والإمتلاك لذلك جاءت القوانين لتحمي الضعفاء والمستضعفين، وحقوق عامة المواطنين وتردع الظالمين سواء اكانوا حكاما او محكومين….لكن للأسف عامة المواطنين يجهلون حقوقهم ويجهلون قيمة وحدة صفهم ووحدة كلمتهم، ويجهلون قدر أنفسهم وكم انهم قوة ضاربة ترتعد لها أوصال الظالمين الفاسدين إذا ما وُظفت لنُصرة الحقوق، لكنهم للأسف لايدركون هذه الحقيقة المجردة..
المواطن الجريء الواعي المدرك لحقوقه ومدرك لقوة القانون لن يجبُن أمام الظلمة الفاسدين، ولن يخار عزمه في مواجهة الطغاة الأنانيين..
المواطن المتسلح بالوعي والمعرفة والحقائق لن تقف أمامه حتى عروش الطغاة المستبدين..
لكن..
(5)
لكن بجهلٍ عشعش في النفوس وران على القلوب أفرد المواطن مساحات واسعة من الجهل والجبن والخوف ليتجول ويتبول فيها أرباب الأنانية المفرطة فتمددوا فيها واستحوذوا واحتكروا وتمددوا وظلموا وسط صمت عام مخجل..
المواطن الذي يجبُن عن أخذ حقه ودفع الظلم عن نفسه ولم يصطف مع الآخرين لمواجهة الظلم والفساد وكل نتاج الأنانية المفرطة، مواطن هزيل لايستحق العيش الكريم بل حسبه ان يعيش ذليلاً مهاناً مهيض الجناح..
أقول ذلك لأن المواطن هو الأعلى قيمة وهو رأس الرمح في كل شيء وهو قوة تزلزل عروش الطغاة والقتلة والظالمين الفسدة إذا تسلحت بالوعي والحق واسندت ظهرها الى القوانين…
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى