سلسلة وتلك قارتي (2)
قالوا عن إفريقيا: ثلاثية الجهل والفقر والمرض.. ما لهم كيف تحكمون
د. جيرنو أحمد جالو
(أستاذ بجامعة أفريقيا العالمية، وعدد من الجامعات الأفريقية )
وكنا أشرنا زعم القوم، فلو أتى من أعداء الدين والإنسانية؛ لكان ذلك مفهوما على فداحته؛ ولكن أن تكون من كثيرين من بني الجلدة؛ فتلك هي المحيرة التي لا نكاد نجد له تفسيرا البتة!
وإننا إذ نجهل قيمة القارة التي منها ولدنا، تربينا، ونبتت عليها أجسامنا، وتنسمنا بهوائها، ولعبنا في سهولها، ووديانها، وتعلمنا في مدارسها، وجامعاتها، وتكونا فيها أول تكوين؛ فهي (المحضن التربوي الأول)!!
نعم، ليس من المنطقي أن نبرئها من كل عيب؛ ل(كأنها خلقت كما تشاء)!!! بل نعترف بأن فيها (الغث) الكثير و(الثمين)، و(العجر)، و(البجر)، أو إن شئت قلت المساوئ الكثيرة؛ ولكن فيها من كنوز (المحاسن) ( ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة )!!!! فكما لا يهدأ لطاعني القارة إلا التركيز على ( السلبيات )؛ فمقتضى الإنصاف أن يكتشفوا عظيم ( الإيجابيات ) التي فيها، وقد لا تتكرر في قارة، وكما أن فيها من الفساد الديني؛ ففيها من صنوف الخير، والنعم، ما لا يدخل تحت عد العادين !!! فمن الواحب استقاء المعلومة من مصادرها الموثوق فيها، وفي أربابها؛ إن لم نتمكن من زيارتها!!! والتثبت، ونبذ ( التضليل الإعلامي ) في عصر تسارع خطى التقنية الرهيبة، أو في زمان الشاشة الصغيرة، والذكاء الاصطناعي.
فالذي يهم هو موالاة القارة، ونصرتها، وأن ننافح عنها بالغالي والنفيس، وأن ينبذ عنها كل زبد، حتى لو كان من بني جلدتها، ومن أولاها من الصلب!!! وأن نشجع ذويها المخلصين، حتى لو كانوا من (الأجانب)، وما هم ب(أجانب)؛ بل أعداؤها هم الأجانب عنها؛ حتى لو خرجوا من رحمها، وحتى لو عدوا من مواطنيها؛ فتلك حرب مصطلحات مكشوفة!!! ” ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ” كما عن المعصوم _ صلى الله عليه وسلم قد صح_ !!! فكفى تصنيفا، وكفى تعصبا؛ فقد كتبنا الله من الإفريقيبن !!!؛ فلما لا نعلي من شأنها؟ ولماذا لا نسعى لدحض الزبد فيها، وجعلها مما ينفع الناس؛ وخاصة أن كل مقومات النهضة/ العمران ( المادي _ والروحي ) فيها متجذرة، وأصيلة؟!! ( فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )؛ فكيف أوهموا شباب القارة وشاباتها أنه إما ( Barcha) برشلونة أو (Barzakh) البرزخ!!!!
