
بقلم / د. عبد العظيم حسن المحامي
تفاعل السودانيين مع تقدم القوات المسلحة لم يُفشل انقلاب حميدتي، وإنما حول هزيمة الجيش لانتصارات سندها المواطن. عزة السودانيين تجاوزت كل محاولات التغبيش مؤكدة على أن تنتهي الحرب حصراً بالتفاوض على استسلام المليشيا ووقف تمردها أو اقتلاعها تنفيذاً لشعار الثورة “الجنجويد ينحل”. الداعمون لهذه الميليشيا، سواءً من المحليين أو الإقليميين أو الدوليين، عن علم أو جهل، تناسوا ما اقترفته هذه الميليشيا من كل صنوف القتل والاغتصاب والسحل والنهب، ابتداءً من أول منطقة اندلعت فيها الحرب بقلب الخرطوم وحتى آخر نقطة تدور فيها المعارك على حدود إقليم دارفور غربي السودان.
المدخل لوقف حرب السودان لا يكون بدفن الرؤوس في الرمال ولا المساواة بين الضحية والجلاد، بل بالإعلان عن أن ميليشيا الدعم السريع قوات متمردة على الشعب ومقدراته. بالعدم، وكما عايش السودانيون، فإن التأخير في هذا التصنيف لن يبرر للميليشيا سلوكها البربري، وإنما يبعث بالتواطؤ الواضح والصريح ممن يرغب في أن يفرض وجودها على السودانيين وقبولهم الدنيئة في أموالهم وأنفسهم وأعراضهم. السودانيون أمة عزيزة وكرامتهم فوق كل شيء. لذا فالمدخل لوقف حرب السودان ليست الإغاثات ولا الإعانات المشروطة، وإنما بإعلاء عزة هذا الشعب الذي لا يقبل (الحقارة) ولا الذل ولا المهانة.
صحيح أن حرب الخامس عشر من أبريل خلقت واقعاً جديداً ليس بالسودان وحده، بل لكل المنطقة بأسرها. الشعور الإنساني الكريم الذي جعل شعوب العالم الحرة تقف بجانب الفلسطينيين ومحنتهم، لن تحول والسودانيين من التعبير عما يريدون لأنفسهم ووطنهم. ذريعة القضاء على الحركة الإسلامية أو على أي تيار سياسي لا تبرر القفز على ما يريده السودانيون لصالح طامعين في السودان وموارده.



