تقارير وتحليلات

“عسكرة الولاة”..هل تراجع البرهان عن مدنية الدولة

تحليل إتجاهات الخبر الممنوع// أحمد يوسف التاي

××إقالة الولاة المدنيين واستبدالهم بعسكريين يتقاطع مع خارطة الطريق الحكومية المعلنة

تحليل إتجاهات الخبر الممنوع/

احمد يوسف التاي

ثمة إيقاع متسارع نحو عسكرة الحكومة الحالية في ظل دعوات كان قد اطلقها البعض لإسناد أمر الحكم للجيش ، وكان حزب المؤتمر  الوطني اول القوى السياسية التي دعت لعسكرة الدولة في الوقت الراهن (مرحلة الانتقال) وفقا لبيان سبق ان تناولناه..
ومن خلال عدة معطيات ظاهرة ومستترة بدا واضحا ان القيادة العسكرية في البلاد ماضية نحو عسكرة الدولة، ويبدو ذلك جلياً في إقالة حكام الولايات المدنيين واستبدالهم ب(لواءات) في الجيش.. حيث كانت ضربة البداية في ولاية القضارف التي أُسندت إدارتها في وقت سابق إلى اللواء “م” محمد احمد حسن  احمد…
وفي ولاية سنار ، أقال البرهان  الحاكم المدني توفيق محمد علي واستبدله باللواء “م” الزبير حسن السيد …
وفي ولاية النيل الأبيض تم إعفاء الحاكم المدني (عمر الخليفة) الذي أُعفي من منصبه يوم الخميس الماضي وعُين  اللواء ركن (م) قمر الدين محمد فضل المولى بديلاً له.
وفي الولاية الشمالية تمت إقالة الوالي المدني، (عابدين عوض الله)، وحل بدلًا منه اللواء ركن (م) عبد الرحمن عبد الحميد..
وبحسب المعطيات الراهنة فإن قطار الإقالات للحكام المدنيين في الولايات لن يتوقف عند  محطات القضارف، سنار، الشمالية، النيل الاربيض وحسب بل يتوقع أن يمر عبر محطات اخرى في ولايات الجزيرة ، شمال وجنوب كردفان ،الخرطوم ونهر النيل.
(2)
الإيقاع المتسارع نحو إبعاد الحكام المدنيين في الولايات والذي جعل البقية ينتظرون دورهم بترقب يشوبه الحذر والتوتر، هذا الإيقاع أثار عدة تساؤلات في الساحة السودانية  وشكل قناعة لدى الكثيرين بأن الفريق اول ركن البرهان يمضي الآن بخطى واضحة نحو عسكرة الولايات والدولة بصورة عامة وذلك من خلال عزل الحكام المدنيين وإستبدالهم بضباط جيش متقاعدين برتبة “اللواءات”.، وذلك بهدف إحكام السيطرة الأمنية وبسط الهيمنة على  كل المناطق خارج سيطرة المتمردين.
(3)
هذه الإجراءات المتسارعة نحو عسكرة الدولة جاءت في وقت
أعلنت فيه الحكومة عن إطلاق عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية يرأسها رئيس وزراء مدني مما يعني تراجع الحكومة عن خارطة الطريق التي أعلنتها اكثر من مرة على لسان البرهان وعلى لسان وزير الخارجية السابق د. علي يوسف…
والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه : هل  تراجعت الحكومة عن خارطة الطريق القاضية بالانتقال نحو الدولة المدنية وتعيين حكومة برئيس وزراء مدني؟ أم أن هذه الإجراءات مؤقتة إلى حين إنتهاء الحرب؟
(4)
بالنظر في جوهر السؤال المطروح يمكن القول ان  التوجه الجديد (عسكرة الولاة) يتقاطع بشكل كبير وحاد مع خارطة الطريق المعلنةالقاضية بتكوين حكومة مدنية واختيار رئيس وزراء مدني..
كما ان التوجه نحو اختيار رئيس مدني هو توجه حكومي بحت ومعلن في خارطة الطريق الرسمية، وان رهن هذا الاختيار بإنتهاء الحرب يعني تعليق عملية إختيار رئيس وزراء مدني بل تجميد التوجه المدني للدولة كليا لجهة ان الحرب لا احد يعلم متى ستنتهي خاصة في ظل غياب الإرادة السياسية واستمرار الدعم الخارجي المتواصل من دولة الامارات للمتمردين.
(5)
ثم يبقى القول أن المعطيات الراهنة باتت تشير بوضوح تام إلى التوجه الجديد لقائد الجيش ومنظومته العسكرية والأمنية بأن الأولوية الآن ليست لاختيار رئيس وزراء مدني ولا إنتقال نحو الدولة المدنية، بل الأولوية للتوجه الجديد وهو عسكرة الدولة وحكام الولايات بما ينسجم مع خطة واهداف القيادة العسكرية والتي قدمتها على خارطة الطريق الحكومية القائمة على إطلاق عقال العملية السياسية المعلنة من قبل..

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى