مقالات الرأي

غارودي و فضيحة النخب السودانية

زين العابدين صالح يكتب:ل"5Ws-service"

بقلم /زين العابدين صالح عبد الرحمن

“خبير إعلامي وباحث في الشئون السياسية”
في محاضرة للمفكر الفرنسي الماركسي روجيه غارودي الذي اعتنق الإسلام في تسعينات القرن الماضيي و التي اقيمت في فندق الماريوت بالزمالك كانت قد نظمتها جريدة الإهرام.. قال غارودي (عندما أقبلت على القراءة عن الإسلام، لم تكن بدافع العاطفة لأنني لم أكن مسلما، و لكن كانت المعرفة هي التي أوصلتني للقناعة أن اعتنق الإسلام.. فكيفية القراءة و الهدف منها هو الذي يوصل للنتائج المثمرة) فالوعي ينتج عن الفهم للقراءة الصحيحة للظاهرة، و ليس على تقديم الشعارات التي تتحكم فيها الرغبات العاطفية “like and dislike” و السؤال هل النخب السودانية و أغلبية الطبقة الوسطى مواقفها السياسية هي نتيجة لوعي معرفي ناتج عن قراءة صحيحة لتطورات و تغيرات الواقع، أم تحيز أيديولوجي تريد به تعطيل العقل و فرض أحكام سلطوية؟..
و أزمة القراءة للواقع و النخب السودانية أشار إليها الدكتور منصور خالد في “كتاب النخبة” عندما يقول ( تعود الأزمة النخبوية في جوانبها الفكرية، إلي تصدع الذات، الذي يقود، بطبعه، إلي فجوة بين الفكر و الممارسة، بين ما يقول المرء و ما يفعل، بين التصالح مع الواقع السلبي في المجتمع و الإدانة اللفظية لهذا الواقع) و يقول أيضا ( عندما يضحى النقد لممارسات الأحزاب أو أداء الأفراد و الجماعات رديفا للقذف و الإساءة ينتهي الأمر بالكثيرين إلي الاستكبار من إعاد النظر في أحكامهم الخاطئة و مراجعة مواقفهم التي تستلزم المراجعة و ما ذلك إلا العزة بلإثم) فالواقع يؤكد ضعف النخبة السياسية و الذين يدورون في فلكها، و يبحثون عن شماعات تعلق عليها أخطائهم.. و يتراكم الفشل على الفشل، و الغريب يعيدون بافعالهم ذات المنتج الذي درجوا على إنتاجه..
عندما يجد المرء أحد اشخاص يضعون علامة ” الدكتوراة ” مقدمة على أسمائهم، و كل ما يفعلون في القروبات أن يرفعوا “بوسترات الميليشيا” أو أية بوسترات يعتقدون أنها سوف تدين ” الجيش” و يصبح السؤال ما هي فائدة ” الدكتوراة” التي تعتبر درجة علمية في الفلسفية لإحدى العلوم إذا تعمد أصحابها على تعطيل عقولهم.. و بالفعل تقل قيمتها عند الأزمات التي تواجه مجتمعاتهم، لآن أصحابها عجزوا أن يفكروا خارج الأطر التي وضعوا انفسهم فيها.. المشكلة ليست الموقف مع الميليشيا و إدانة ل الجيش، و لكن المشكلة تعطيل العقل في أن يقدم رؤية للحل بعيدا عن الشعارات التي تنثرها الأحزاب في الساحة السياسية، و هي تعلم أن الهدف منها مقصده تغيب العقل..
أن فشل القيادات السياسية في تاريخها السياسي في تقنين و تعقلن الصراع من خلال التبادل السلمي للسلطة، تكون قد تفتحت الباب لعلاقات القوة.. في نفس الوقت الذي تفتقد فيه للقوة التي تستطيع أن تعبد بها طريق الديمقراطية.. و معلوم القوة يتقاسمها الشارع “القاعدة العريضة في المجتمع” و الجيش.. و الآن الإثنان يقفان في صف واحد لدحر المؤامرة على الوطن.. فهل تستطيع القوى الحزبية أو المدنية أن تكسر هذا الحلف، و هي منقسمة بين تحالفها مع الميليشيا أو راجية تدخل خارجي يعيدها للسلطة.. نسأل الله حسن البصيرة..

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى