تقارير وتحليلات

فرص إنهاء الحرب…قراءة في المشهد السوداني

5Ws-service

تحليل: أحمد يوسف التاي

(1)

على الرغم من التقاطعات الحادة والتضارب في الخطاب السياسي والإعلامي وحالة الغموض والتوهان السياسي إزاء التسوية السياسية على الصعيدين السياسي والعسكري إلا أن هناك الكثير من بارقات الأمل التي تعكس إمكانية تحقيق السلام في السودان في أقرب وقت وذلك إستناداً على أمرين الأول : معطيات ملموسة وواضحة سياسية وعسكرية؛ والثاني الإرث السوداني غير الميّال للعنف وهو إرث مستمد من العاطفة وطبيعة الشخصية السودانية التي تصل منتهى الثورة والغصب والإنفعال والعصبية ثم تعود لرشدها بدون أدنى “رافعة”

(2)

قبل الإشارة إلى معطيات إمكانية إنهاء الحرب وحدوث التسوية؛ لابد من الإشارة إلى التقاطعات والتباين في الخطاب الإعلامي الرسمي الذي سبقت الإشارة إليه لنتبين ما هو استراتيحي وماهو تاكتيكي. ونبني عليه قراءتنا وتحليلينا للمشهد السوداني على صعيديه السياسي والعسكري..ومن ذلك يلاحظ:

أولا: أنه لاخلاف كبير في الخطاب الإعلامي للحكومة في التوافق على إطلاق حوار سياسي شامل لا يستثني أحداً من القوى السياسية.

ثانياً: هناك تباين بين المكونين العسكري والمدني في مجلس السيادة بشأن التفاوض والحوار مع قوات الدعم السريع..فبينما يركز الجانب العسكري على عبارة (لا تفاوض لا حوار ولامساومة مع الميليشا)؛ كان نائب رئيس المجلس للسيادي مالك عقار يفتح الباب واسعاّ أمام إمكانية الحوار مع قوات المتمردين كما جاء في تصريحاته عقب لقائه الرئيس الجيبوتي.

ثالثاً: بعض التصريحات الرسمية اوضحت طبيعة الحوار مع الدعم السريع إذ أطرته بالحوار حول التسليم وتفكيك هذه القوات وكيفية التعامل معها مستقبلاً.

رابعاً: بعض التصريحات الرسمية تعمد إلى خلط الاوراق بصورة تقود إلى تعقيد المشهد أكثر حيث تتعمد عدم إزالة أي فواصل بين كل القوى المدنية الثورية وقوات الدعم السريع المتمردة بل تجعل القوى المدنية هي صاحبة الجرم الأكبر على نحو يقود إلى المزيد من التعقيد ويعرقل خطوات إطلاق الحوار السوداني السوداني المعني في خارطة الطريق الحكومية.

..كل هذه المواقف المتباينة تظهر بطريقة أو اخرى في الخطاب الحكومي الذي ينبغي إن يُضبط بحيث يخرج من سيموفونية واحدة ويعزف لحناً واحداً إما السلام أو الحرب.

(3)

لكن وكما أشرت في مستهل هذه القراءة أنه على الرغم من كل هذا التقاطع والتباين والتناقض في الخطاب الإعلامي الرسمي إلا أن هناك الكثير من المعطيات التي تعزز فرص العملية السياسية الشاملة التي تتجه نحو الضفتين..ضفة الحوار السوداني السوداني بين القوى السياسية؛ وصفة إنهاء الحرب التي تحتم جلوس أطراف الحرب والتفاوض سواء على التسليم والتفكيك أو الحقيقة والمصالحة.

ومن ابرز هذه المعطيات:

(1)الضغوط العالمية المكثفة، القائمة على المصالح الدولية، واساليب الترهيب والترغيب..والتي برزت من خلال العقوبات والتهديدات الظاهرة والمستترة.

(2)قطاع كبير من المجتمع الدولي ملّ الحروب ونتائجها وإفرازاتها وماتفرضه عليه من كلفة مادية في إيواء اللاجئين ومساعدة النازحين وتدفقات سيول اللاجئين وهذه اخطر قضية أمنية يعمل لها العالم ألف حساب خاصة أوربا وامريكا والغرب عموماً..كل هذه المعطيات الخارجية تمثل رافعة تعزز فرص إمكانية إنجاح العملية السياسية وتحقيق السلام.

(3) الجيش السوداني كما هو واضح في عمومه لايرغب بالاستمرار في السلطة ليس لأن قادته ذاهدون فيها بل لأنه وصل إلى قناعة تامة بأن قادته الحاليين لم ينجحوا في إدارة دفة الحكم على نحو شكل قناعة تامة أن الأفضل للجيش إن يبتعد عن السياسية ويبقى على مهامه الدستورية وظيفته الاساسية في الدفاع عن حدود البلاد والوقوف على مسافه واحدة بين الجميع..هذه القناعة التي تشكلت واصبحت جزء من خطاب الجيش الذي حفظه الناس ربما تساعد بشكل كبير في الدفع نحو التسوية السياسية.

(4) المعطيات ايضا بانت تشير إلى إن القوى السياسية من اقصى اليمين إلى اقصى اليسار أضحت على قناعة تامة بأن الإقصاء والعزل السياسي وإلغاء الخصوم وتصفية الحسابات سلاح سريع الإرتداد إلى النحور.. ومن لم بتعلم من هذه الدروس والتجارب المكررة عليه إن يعتزل السياسية وإلى الابد.

(5) الاوضاع الإنسانية القاتلة والمعاناة التي بلغت منتهاها لدى المواطن السوداني وحاجة الناس للإستقرار ووقف الحرب والدمار لهو اكبر دافع  نحو التسوية السياسية..

كل هذه المعطيات تشكل ارضية ورافعة سياسية قوية لبدء الترتيبات الخاصة بإنطلاق حوار سوداني سوداني ينهي هذه الاوضاع المائلة..

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى