
بقلم / د. عبد العظيم حسن
المحامي
حرب السودان التي دمرت كل شيء، وبلا أدنى شك، هي حرب مصنوعة أو بالأحرى مفروضة على السودانيين. الغريب في أمر هذه الحرب أنها بقدرما تمددت بطريقة سريالية إلا أنها ستنتهي بطريقة شبه درامية. زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتوقعة للمنطقة، والمقرر لها منتصف الأسبوع القادم، وإن لم تتضمن إعلاناً رسمياً لوقف الحرب إلا أن للزيارة، وما سيتم مناقشته فيها من ملفات، دور جوهري في رسم ملامح فصولها الأخيرة أو زيادتها. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإن لم يُظهر أن ملف السودان كان من ضمن أولويات فترته الرئاسية الأولى إلا أنه لذات الملف ستبرز الأهمية القصوى سيما بعد نجاح الرجل في فرض رؤيته بشأن الملف الفلسطيني الاسرائيلي، ونزعه لفتيل الأزمة الهندية الباكستانية علاوة على تهدئته وخفضه للتوتر مع الحوثيين، وقرب وصوله لتسوية بشأن النزاع الروسي الأوكراني. إذا ما قرر ترامب أن ترمي أمريكا بثقلها في ملف السودان، وفي الغالب سيفعل، فإن هذا القرار لن يكون مجرد هدف لزيادة حظوظه في الترشح لنيل جائزة نوبل للسلام وإنما ممارسة هوايته بسيلان لعابه ودخوله منافساً صريحاً على موارد السودان. طريقة المقاول أو رجل الأعمال التي أظهرها ترامب، وعلى الهواء مباشرة مع زيلينسكي، هي ذات الطريقة التي سيدير بها ترامب ملف حرب السودان. ما إذا كانت هذه الطريقة ستجدي في مناولة هذا الملف، فالأيام القادمة هي من ستجيب على السؤال.
الثابت أن سودان ما قبل حرب الخامس عشر من أبريل لن يكون هو ذات سودان ما بعدها. إذا ما عدنا لواقع الفرقة والشتات، والذي أنتج هذه الحرب فإنها، أي حرب السودان المفروضة، لا محالة ستزيد وتتمدد لعقود. بعبارة أخرى، السبهللية وانتظار الحلول المستوردة لن تضع حداً لمشاكلنا بقدرما ستفاقم الاستثمار فيها. بالمقابل، إذا فقنا من غفوتنا وعلمنا أن تغيير واقعنا بأيدينا لا بيد غيرنا فإن الحرب ستصبح خير دافع للسلام وإعادة الإعمار. ما سنجتمع عليه كسودانيين من حلول وقرارات وتدابير لإنهاء هذه الحرب هي الحاسم لمسارنا ومستقبلنا في وطننا، فهلا وعينا الدرس؟