
بقلم/ سمير سيد عثمان
اليوم يُطل علينا فجرٌ جديد يحمل وعد الحياة ونداء الوطن ..
استجابة لنداء الإعمار ،، أعلنت حكومة ولاية الخرطوم انهاء الإجازة المفتوحة للعاملين ،، لتعود المؤسسات إلى العمل بكامل طاقتها في موعد أقصاه 15 يونيو 2025م ،، إيذانًا ببدء مرحلة البناء الجاد ..
لقد آن أوان العودة ،، لا كأفراد ،، بل كصُنّاع لمرحلة ما بعد الحرب ..
والي الولاية يفتح بوابة الأمل بتاريخ *15 يونيو 2025*،، ليكون موعدًا رسميًا لعودة المؤسسات الحكومية إلى أداء رسالتها ،، وإشارة انطلاق لكل من ينتمي إلى هذه الأرض بأن الوقت قد حان للرجوع ،، للعمل ،، ولزرع بذور الغد ..
دعوة نابعة من قلب الوطن ،، تُخاطب كل مواطن غادر مضطرًا ،، وتقول له ،، الخرطوم تناديك .. الكهرباء جاهزة لتُنير دروبك ،، المياه تنتظر لتروي عطشك وأرضك ،، والمصارف تمهّد لك طريق الاستقرار والنمو ..
العودة اليوم ليست فقط إلى البيت ،، بل إلى الحلم .. إلى الكرامة .. إلى بناء وطنٍ يستحق أن نُفديه بالحضور لا الغياب ،، وبالعطاء لا الانتظار ..
فليكن 15 يونيو 2025 يومًا نُسجّل فيه عودتنا في دفتر التاريخ ،، ونجعل من كل خطوة على تراب الوطن حجرًا في بناء السودان ..
نحن أمام اختبار وجودي ،، إما أن نكون أو لا نكون ..
الآن ،، وقد بدأنا نلمس بشائر الأمن والسلام ،، حان الوقت لنُعيد الي جسد الخرطوم عافيته ..
ولكن ،، كما لا يكتمل تعافي الجسد دون أضلاعه ،، فإن عودة الحياة إلى الخرطوم لا تكتمل دون استعادة أضلاعها الثلاثة ..
(الكهرباء ،، المياه،، والمصارف)
هذه الأضلاع ليست مجرد خدمات ،، بل هي شرايين الحياة التي تُغذي كل بيت ،، وتُعيد النبض لكل شارع ،، وتُنعش كل سوق ..
لكن ،، حتى تكون هذه الأضلاع قوية ،، يجب أن تُبنى على قاعدة صلبة من الصحة العامة ،، وبيئة نظيفة ،، وأمن مستتب ..
إن نداء السيد والي ولاية الخرطوم ليس مجرد دعوة للعودة ،، بل هو صرخة وطنية لنكون جزءًا من هذا البناء العظيم ..
فلنستجب لهذا النداء ،، ولنُسهم جميعًا في إعادة إعمار وطننا ،، لنُثبت أن الخرطوم قادرة على النهوض من جديد ،، بأيدي أبنائها المخلصين ..
النداء الذي أطلقه السيد الوالي هو صيحة وطنية لبناء ما تهدّم ،، واستعادة ما سُرق من أحلامنا ..
ولكن العودة الحقيقية لا تكون بالشعارات ،، بل ببناء مثلث الحياة ،، الكهرباء التي تُنير الدرب ،، والمياه التي تُنعش الأرض ،، والمصارف التي تضخ شريان الاقتصاد ..
لكن هذه الأضلاع لا تقف وحدها ،، فأساسها يجب أن يكون صلبًا ،، صحةٌ تحفظ الأرواح ،، وبيئةٌ نظيفة تُعيد الكرامة ،، وأمنٌ يُطمئن القلوب ..
هذه هي القاعدة التي تنهض عليها الخرطوم الجديدة بإذن الله ،، وهذه هي المنصة التي يجب أن يرتفع منها صوت كل سوداني يريد أن يرى وطنه واقفًا ،، لا راكعًا ..
الفرصة أمامنا ،، لا لنعود فقط ،، بل لنبني وطنًا لم يعرفه التاريخ من قبل ،، وطن بالإرادة لا بالانتظار،، وبالعمل لا بالحزن ،، وبالسواعد لا بالوعود ..
فلنُشعل أول شمعة من “النور”،، ونرسم أول قطرة من “الكرامة” ،، ونوقّع أول دفعة من “الأمل” ،، فنحن لسنا عابري حرب ،، نحن صُنّاع مستقبل ..
ضلعنا الأول ،، الكهرباء ،، ليس مجرد تيار ،، بل شرارة الثورة الصناعية ..
حين تُصبح الشمس مشروع وطن ..
ليست الكهرباء مجرد إنارة للمنازل ،، بل هي شرارة البداية لثورة تنموية شاملة ..
ما تحتاجه الخرطوم اليوم ليس عودة الأسلاك فحسب ،، بل رؤية جديدة تجعل من كل سطح بيت محطة طاقة ،، ومن كل شعاع شمس فرصة نهوض ..
نحلم بمشروع “النور أولاً”،، وفق برنامج وطني لتركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل والمدارس والمستشفيات ،، بتمويل ميسر ،، وتدريب المجتمعات المحلية على الصيانة والتشغيل ..
نريد أن يتحول الحي إلى منتِج للطاقة لا مستهلك فقط ،، وأن تكون الكهرباء عنواناً للاستقلال لا للانتظار ..
ولأن السودان من أكثر دول العالم إشراقاً للشمس ،، فلماذا نستورد الوقود ولدينا مصدر طاقة مجاني يسطع كل يوم؟ هذا الضوء لا يجب أن يضيع ،، بل يُستثمر في مشاريع تنموية حقيقية ،، من تشغيل آبار المياه في القرى إلى تزويد مناجم الذهب بمناطق صناعية نظيفة تعتمد على الطاقة المتجددة ..
إنها ليست كهرباء فقط ،، بل خارطة طريق إلى اقتصاد نظيف لتشغيل المصانع وتدوير الماكينات ،، وعصب حياة يعيد الإعمار بعقول وسواعد سودانية ..
لأن النور حين يولد من الشمس ،، لا يُطفأ بسهولة ..
فاما ضلعنا الثاني ،، هي المياه ،، ليست مجرد حنفية ،، بل سيادة وطنية ..
المياه هنا ليست سائلًا في الأنابيب ،، بل هي اختبارٌ حقيقي لسيادتنا ..
في قلب السودان ،، ينبض النيل كشريان حياة ،، ليس فقط ليروي ظمأ الناس ،، بل ليكون رمزًا للسيادة والكرامة ..
ومع تحديات العصر ،، تأتي المبادرات كخطوة جريئة نحو استعادة هذا الرمز ،، بأن يتم إنشاء محطات جديدة تستخدم الطاقة الشمسية لتنقية المياه من الملوثات ،، بدلاً من الاعتماد على الكهرباء التقليدية ..
هذه المحطات تساعد في إعادة المياه الصالحة للاستخدام ،، سواء للشرب أو للزراعة ..
كذلك العمل علي تُشجّع المبادرات الشبابية والمجتمع المحلي على المشاركة في تنظيف ضفاف النهر من المخلفات والنفايات ،، في إطار العمل التطوعي ليُعزز الانتماء والمسؤولية الجماعية ..
وبدلاً من هدر المياه المعالجة ،، يتم استخدامها في ري الأراضي الزراعية ،، مما يُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي والحيواني ،، وتحقيق عوائد اقتصادية ..
اذن ليكن هدفنا الأساسي هو تحويل نهر النيل من مجرد مورد مائي إلى مصدر للثروة ،، ومصدر فخر لكل سوداني ،، ليُعبر عن السيادة ،، الاستدامة ،، والانتماء الوطني ..
لكن الطموح لا يتوقف عند توفير المياه النظيفة فقط ..
فالمياه المعالجة تُستخدم لري المراعي الخصبة ،، مما يُعزز من الإنتاج الزراعي والحيواني ،، ويُسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني ..
كل قطرة ماء تُصبح استثمارًا في مستقبل السودان ،، تُسهم في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل ..
من خلال هذه الخطوات ،. نُحول “أزمة المياه” إلى قصة نجاح ،، ونُعيد للسوداني ثقته بأن حنفية بيته ليست مجرد أنبوب ،، بل رمزٌ للكرامة والعيش الآمن ..
اخيرا الضلع الثالث ،، المصارف .. نبض الاقتصاد ورئة العودة ..
في طريق العودة إلى الديار ،، تقف المصارف كأحد أهم ركائز الاستقرار ..
فوجود فروع مصرفية فعّالة يعني أن المواطن يستطيع بسهولة استلام راتبه ،، صرف معاشه ،، تحويل أمواله ،، أو حتى بدء مشروع صغير عبر تمويل ميسر ..
عودة المصارف للعمل ليست مجرد خدمة مالية ،، بل ضمانة لحياة كريمة ،، وسند حقيقي يساعد الأسر في إعادة ترتيب حياتها بثقة ..
فحين تستقر المعاملات البنكية ،، يعود الأمان الاقتصادي ،، ويصبح الوطن بيئة ممكنة للحلم والبناء من جديد ..
لم تعد المصارف مجرد بنايات تقفل أبوابها عند الثالثه عصرا ،، بل هي الآن مركز القرار ،، وعصب الحياة ،، وشريان العودة المنتظرة ..
إذا أردنا إعمارًا حقيقيا ،، فليكن من جيوب الناس ،، ولخدمة الناس ،، وبثقة الناس ..
المصرف اليوم يجب أن يخرج من جدرانه ،، يتنقل إلى القرى عبر المصرف المتنقل (شاحنات مجهزة بصرافات آلية) تصل حيث لا تصل الفروع ،، لتضع النقود في يد المزارع والعامل والمعلم ،، وتمنحهم إحساسًا بأن الدولة معهم ،، لا عليهم ..
لأن المصارف ليست بنايات من حجر ،، بل هي بوابة الأمل ،، ورافعة العودة ،، والمفتاح الذهبي لبداية عمر اقتصادي جديد لا يُقصي أحدًا ..
وهكذا ،، حين تكتمل أضلاع الحياة الثلاثة ،، كهرباء تُضيء الطريق لا للبيوت فقط بل للعقول ،، ومياه تنبع لا من الأنابيب بل من كرامة الإنسان ،، ومصارف تُعيد الدورة الدموية للاقتصاد المنهك ،، فإن الوطن لا يعود مجرد مساحة على الخريطة ،، بل حلم يُعاد تشكيله بالحُب والإرادة ..
لقد تحقق الحُلم الأكبر ،، الأمن عاد ،، والبيئة تعافت بحمدالله ..
وهذا وحده كافٍ لنخطو بثقة نحو الإعمار ،، ولكن وحده لا يكفي إن لم تكن أنتَ ،، وأنتِ ،، ونحن جميعًا جزءًا من هذا العبور التاريخي ..
دعونا نطوي صفحة الحرب لا بالنسيان ،، بل بالبناء ..
دعونا نجعل العودة ليست رد فعل ،، بل قرارًا وطنيًا محفوفًا بالأمل ،، ومملوءًا بالمسؤولية ..
لنكن اليد التي تُزرع بها الأرض من جديد ،، والكتف الذي تُقام عليه الخرطوم الجديدة ..
فالوطن لا يُبنى بالحجارة فقط ،، بل بالقلوب المؤمنة به ..
فلنعد ،، لا كنازحين ..
بل كعمّار ،، نكتب أسماءنا في أول سطر من سطور المجد السوداني القادم ..
الآن ،، وقد نهضنا من الرماد ،، فلنُشعل معًا شعلة البناء ..
ولنكن يدًا واحدة لوطنٍ عزيز ،، يستحقنا كما نستحقه ..