مقالات الرأي

في غمرة ثورة الغضب…كيف يصنع الرجل السوداني استقرار أسرته وسط عواصف الحرب؟

5Ws-service

بقلم/سمير سيد عثمان

تُعتبر الحرب من أقسى التجارب التي قد تمر بها الشعوب ،، حيث تترك آثارًا عميقة على مختلف جوانب الحياة ،، بما في ذلك العلاقات الأسرية ..

في السودان ،، حيث يعاني العديد من الأسر من تبعات النزاعات المستمرة ،، تظهر تحديات جديدة في العلاقات الزوجية نتيجة للضغوط النفسية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الحرب ..

تتجلى هذه التحديات في زيادة التوترات بين الزوجين ،، حيث قد تُبدي الزوجة مشاعر من الغضب والإحباط نتيجة للظروف الصعبة ،، مما قد يُترجم إلى انتقادات أو شعور بالتقصير تجاه شريكها ..

من جهة أخرى ،، قد يشعر الزوج بالعجز أو الضغط نتيجة لتحمل مسؤوليات إضافية في ظل غياب الدعم الخارجي أو الموارد المحدودة ..

ومع ذلك ،، يُظهر العديد من الأزواج السودانيين قدرة على التكيف مع هذه الظروف من خلال التحلي بالصبر والحكمة ..

يُدرك الزوج القوامة كمسؤولية عظيمة ،، فيسعى لاحتواء مشاعر زوجته ،، مُظهرًا لها الدعم والاهتمام ،، مما يُسهم في تهدئة الأوضاع وإعادة التوازن للأسرة ..

الحرب لا تأخذ الأرواح فحسب ،، بل تسرقُ الطمأنينة من قلوب النساء ،، وتُلقي بظلالها على تفاصيل العلاقة الزوجية ..

لكن وسط هذا الظلام ،، يبرز الرجل السوداني كحارسٍ للحب ،، يحملُ على كتفيه همومَ الحرب ،، وفي قلبه إرادةٌ لتحويل سهام الغضب إلى زهورٍ من التفاهم ..

لم تعد الحرب مجرد صراعٍ في الميدان ،، بل تسللتْ إلى دهاليز البيوت ،، حيثُ تحمِلُ المرأة السودانية عبئًا مضاعفاً ،، خوفها على الأبناء ،، وحنينها إلى الأمان ،، وغياب أبسط مقومات الحياة ..

في خضم الضغوط المتراكمة ،، قد تجد الزوجة نفسها تُفرغ مشاعرها في كلمات قاسية تجاه زوجها ،، لا لأنه المذنب ،، بل لأنه الأقرب إلى قلبها ،، والملاذ الآمن الذي تأتمنه على ضعفها وانكسارها ..

هنا يبدأ امتحان الرجل الحكيم فـ”القوامة” ليست سلطةً ،، بل مسؤوليةٌ تُلزمه باحتواء الألم قبل إصلاح الأخطاء ..

الرجل الذي يعي أن غضب زوجته هو صرخةٌ ضدَّ الظلم ،، وليس ضده شخصًيا ،، يختارُ ألا يُشعل النار بنيران ..

حين تُطلِقُ الزوجة سهام اتهاماتها بـ”التقصير” ،، لا يردُّ بالدفاع عن نفسه ،، بل يُصغي إليها كمن يُصغي إلى قلبٍ مجروح ..

بكلمةٍ واحدةٍ مُفعمة بالحنان ،، مثل ،، *”أعلم أنكِ متعبة.. دعيني أحمل جزءًا من همك”*،، يُطفئُ لهيب التوتر،، ويُذكّرها بأنه شريكٌ في الألم ،، لا خصم ..

هنا يبرز دور الزوج الحكيم كقائدٍ يُعيد ترسيم خريطة الاستقرار بوعيٍ وإنسانية ..

ليست الحرب مجرد صراع مسلح ،، بل هي اختبار لقدرة الأسر على الصمود ..

فالزوجة التي عانت من فقدان الأمان أو شهدت مآسي الحرب ،، قد تتحول أحزانها إلى غضبٍ عاجزٍ يظهر في انتقاداتٍ حادة أو انسحابٍ عاطفي ..

بينما يغرق الزوج في دوامة البحث عن لقمة العيش وسط اقتصاد منهار ،، فيشعر بثقل المسؤولية وفقدان السيطرة ..

هنا ،، تتصادم المشاعر كأمواجٍ عاتية ،، لكن النجاة منها ممكنة بالحكمة ..

في الثقافة السودانية ،، تُعرّف “القوامة” ليس كسلطة ،، بل كالتزامٍ بالرعاية والاحتواء ..

أقسى ما في الحرب أنها تُشوِّه المشاعر النبيلة ..

المرأة التي تُطلق العنان لغضبها سرعان ما تندم ،، لكن كبرياءها يمنعها من الاعتذار ..

هنا يأتي دور الرجل الحكيم الذي يفهمُ لغتها غير المعلنة ،، فيقدم لها كوبًا من الشاي بحنو ،، أو يهمسُ لها،، *”أعلم أن الحرب سرقت منا الكثير ،، لكنها لن تسرق ابتسامتك”*..

هذه اللمسات الصغيرة بالكلمات تُشعرها بالأمان ،، وتجعلها تتوارى خجلاً من حدَّة ردود فعلها ،، لتعود إليه لاحقًا بقلبٍ ألين ..

فالكلمة الطيبة كالسحر ،، تُعيدُ توازن المرأة التي تشعرُ أن العالم كله ضدها ..

أذن الحرب علَّمت الرجل السوداني أن القوامة ليست في التحكم ،، بل في القدرة على إدارة الأزمات بلباقة ..

حين تُفقد المرأة ثقتها في كل شيء ،، يبقى الرجل هو الجدار الذي تستند إليه ..

ربما تكون الحرب قد دمَّرت البيوت ،، لكنها كشفت عن جمالٍ آخر في الروح السودانية ،، الرجل الذي يحملُ هموم وطنه ،، ولا ينسى أن زوجته ليست عدوةً ،، بل ضحيةٌ تحتاج إلى كلمة دافئه ..

في هذه الظروف القاسية ،، يصبحُ البيت مدرسةً لتعليم فنون الحب ،، حيثُ تتحول كل كلمةٍ أنيقة إلى مظلةٍ تقي الأسرة من عواصف الغضب ..

البيت السوداني لا ينكسر ،، لأن رجاله يعرفون كيف يمسكون بخيوط الشمس حتى في الليالي الظلماء ..

الحكمة هنا ليست كبتًا للمشاعر ،، بل تحويلها إلى طاقة إيجابية ..

بعض الخطوات العملية ،، مثل جلسات شاي مسائية بعيدًا عن هموم اليوم ..

الحديث عن لحظات الفرح القديمة يُذكّر بأن الحرب ليست نهاية التاريخ ..

رغم أن الحرب تسرق الأمان ،، إلا أنها قد تكشف عن كنوزٍ إنسانية كامنة ..

الزوج السوداني الذي يختار أن يكون حصنًا من الحنان ،، لا يشفى جراح زوجته فحسب ،، بل يزرع بذور جيلٍ قادرٍ على النمو من تحت الرماد ..

الأسرة السودانية ،، بقدرتها على تحويل الألم إلى قصة صمود ،، تثبت أن نور الحكمة يخترق حتى أحلك الظلمات ..

بهذا الفهم ،، يصبح كل زوجٍ بطلًا مجهولًا ،، يحمل في صمته حكمة الأجداد ،، وفي خطواته أمل الأبناء ..

الرجل السوداني لم يتعلم من الحرب كيف يحمل السلاح فقط ،، بل تعلم كيف يحمل قلب زوجته بين كفيه ،، فيحوّل سهام غضبها إلى زهورٍ تُزهِر في أرض الأسرة ..

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى