بقلم: عمر الطيب أبوروف
يبدوا اننا ورغم الصيام لم نفطر علي احلام وجباتنا فجميع الموائد السياسية معدة ومزودة باطعمة جاهزة الصنع إما أن تتناولها بشهية كذوبة أو أن تنصرف الي ركن قصي تنتظر اقدار السماء!!
وتلوح في الأفق القريب استكمال سياسات التقطيع والتقسيم لمريض السكري الذي استجاب للعلاج عبر القطع والبتر فاقتطع في العام ٢٠١١م جنوب السودان دون بنج وقبل استكمال الشفاء انتشر الورم الخبيث في جميع أطراف الجسد الملتهب بالظلم وثقافة الأنا وحب الذات وقصر النظر ليتاهب هذه المرة لعملية جراحية اشد قسوة ولن تكون الأخيرة .
كان الحضور بنيروبي كبيرا واللقاء غير مسبوق وجميع المؤشرات تقول انه لربما ايقن حملة السلاح أن الحلول دوما لاتكون إلا عبر الاتفاق ووضع رؤية سياسية تحمل في طياتها جميع الحلول وتجيب علي السؤال القديم المتجدد كيف يحكم السودان وليس من يحكم السودان!!
بعدما أن باضت عليه وافرخت جميع تجارب السوء من الانظمة الهشة والانقلابات المتتالية من اقصي اليسار المتطرف الي اقصي اليمين المتطرف !!
وكان ثمن ذلك اراقة دماء ابناء وبنات الشعب السوداني منذ توريت ١٩٥٥ وحتي آخر قطرة دم سقطت من شهيد أو جريح !!
وان كانت ثقافة الحوليات التي تقدم فيها الأطعمة لملء البطون هي ثقافة الجذب فإن حولية نيروبي كانت الأكبر من حيث الحشد والدعم ولانحدث عن الصبر علي المدعويين!!
غير أن المطلوب من كل ذلك أن نجد كتابا نقرأ من خلاله تفاصيل احلامنا بعدما أن زين ساحة الحضور الدعم السريع وتحالفات قمم والتي تحمل جمال المسمي مع انتظار الثمار ثم الحلو بحلاوته وغلاوته عنوانا للحركة الشعبية شمال ثم حزب الأمة القومي بكل تاريخية يتقدمه فضل الله برمة ناصر العجوز المخضرم الذي صنفه الراحل الصادق المهدي بقوله هنالك جنرالان ديمقراطيان في العالم فضل الله برمة ناصر وكوفي أنان !!
والاتحادي الديمقراطي عبر ابن الميرغني ابراهيم واشراقات تسابيح وحركات الكفاح المسلح بدارفور بصندلها وحجرها ورئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم سابقا ووزير العدل وبروف شامخ في العلم والمعرفة احمد التجاني ووجوه من شرق السودان يتقدمها مبروك مبارك سليم وحشود من الادارة الاهلية وطرق صوفية شكلها حضور زعيم سجادة العركيين بالخرطوم وحراك الجنوب الجديد ( حجج) والذي ولد باسنانه وجمع كوكبة من نجباء الحراك عبر جغرافيته المعرفة بالنيل الأزرق وسنار والنيل الأبيض!!
وسط كل هذا تم التوقيع علي الميثاق التاسيسي والدستور الانتقالي والكل ينتظر إعلان الحكومة القادمة والتي ستكون الحلم المنتظر !!
يقرأ كل ذلك بالاحداث علي الصعيد الميداني فجميع الأطراف الموقعة تكاد تكون ذات طبيعة عسكرية في البحث عن الخلاص وحديث عن حضور لحركة الصحوة لم نحصل علي كثير من تفاصيله ومابين القصر والمالحة تظل القراءات!!
إنها ليست مجرد أزمة حكم أو صراع سياسي، بل حالة متجذرة من فقدان الرؤية وضيق الأفق، حيث تحكم المصالح الضيقة والشهوات السلطوية على حساب الوطن والمواطن. لم تعد القضية مجرد اختلاف في الرؤى، بل تحولت إلى صراع على تقاسم الغنائم، حيث لا مكان للأحلام الكبيرة، ولا مجال للحديث عن وطن يسع الجميع مالم تكن معك ادوات التوسعة وعدة (الحفر )ولاسيما كلمة التذكية برغم قبح استخدامها فيما مضي من عهد .
وفي نيروبي، حيث تُوقع المواثيق و الاتفاقيات وتُرسم ملامح المستقبل، يجب الا يتلاشى مفهوم الوطن والتنوع في ظل زحام الحسابات السياسية الضيقة وان يتم التفحص الجيد لوجوه الحاضرين لأن الوصول إلي هنا ليس معناه التمتع بالنظر في خضرة نيروبي وجمالها بل إن هنالك قضايا شائكة ومعقدة يجب أن تنظر بحكمة الحكماء لاسياسية التحشيد الباطلة !!.
فلايزال الخصوم يتواجدون بصورة من الصورة فإن لم يكونوا باجسادهم فبنهجهم الاقصائي واعتراضهم لاصحاب الرؤي القوية أن يكونوا مقيمين بينهم بغرض إصلاح إعطاب الماضي وليشكلوا حائط الصد المنيع حتي لا يتعرض الوطن لمزيد من التمزق والخراب !!.
لقد أثبتت التجارب الخربة أن الذين رفعوا راية الإسلام لم يكونوا أكثر من متاجرين به، جعلوا الدين وسيلة للتمكين، فمارسوا الإقصاء والاستبداد، حتى فقد المشروع الإسلامي بريقه وأصبح أداة للقهر والكسب المادي وتعدد الزوجات بدلاً من أن يكون وسيلة للعدل والرحمة !!
وعلي السياسيين الا يواصلوا مغامراتهم في تقسيم البلاد!! اكثر مما حدث !!
ليظل المواطن المسكين هو الضحية الأولى والأخيرة، بين جحيم الحروب ووعود السلام والتي تحتاج لمزيد من الجدية والمصداقية.
لكن يبقى السؤال: هل لا يزال هناك أمل في بناء وطن يسع الجميع؟ أم أننا كتبنا على أنفسنا أن نظل ندور في حلقة مفرغة من التمزق والتشرذم؟
فذات التكتلات والشلليات ومحاولات الاقصاء الخجولة وتشتيت الكرة التي يلجأ لها الفريق المتخوف من مضاعفة الهزيمة حاضرة الان !!
فالي متي تستفيق ايها الوطن العزيز ولاتزال نيروبي محطة من محطات الأمل الخجول لإصلاح الوطن !!
…وياوطن أخرج الله جميع شرورك المتجزرة في دواخل قادة شعبك المكلوم …
عمر الطيب ابوروف
٢٢ مارس ٢٠٢٥