مقالات الرأي

لم نعد نملك ترف الحيرة ولا رفاهية البكاء على حال “الشموع الموحشة”

5Ws-service

بقلم/ الطيب مضوي شيقوق

(كاتب- محامي- مستشار قانوني)

أخي الأستاذ أحمد يوسف التاي (أبو الصفية).. تحية وتقديرًا وبعد،

قرأت مقالك الأخير والرائع حقا والمعنون “كامل إدريس… وقد جعلني أتماهى مع كثير مما جاء فيه، وأتوقف متأملًا عند نقاط بعينها، تستوجب منا جميعًا – نحن المتابعين للهم الوطني – تأملاً ناقدًا لا تعجيزيًا، وتفكيرًا مسؤولًا لا انفعاليًا.

لقد أحسنت – لا فض فوك – في توصيف المشهد العبثي الذي يحيط برئيس الوزراء الجديد، الدكتور كامل إدريس، حين صورتَه واقفًا في مفترق طرق، تتجاذبه قوى اليمين واليسار، وتتربص به المؤسسة العسكرية، ويحيط به طوفان من “الوصايا المفخخة” و”التوصيات المبطّنة”، في ظرف وطني دقيق يحتاج لا إلى مناورٍ حذق، بل إلى رجل دولة صارم في انحيازه لوطن أنهكته الأطماع وتكالبت عليه الأيدي.

ومع ذلك، دعني أهمس في أذنك يا أبا الصفية، بأننا ما عدنا نملك ترف الحيرة ولا رفاهية البكاء على حال “الشموع الموحشة”، فالوطن ليس خشبة مسرح لعروض التراجيديا، بل كيانٌ مهدد بالتمزق والانهيار، إن لم نعض عليه بالنواجذ ونجهر بكلمة الحق حتى ولو أغضبت الجميع.

أراك قد وصفتَ الرجل – كامل إدريس – وكأنه ضحية مسبقة، وكأن حظه في هذه المعركة السياسية لا يتجاوز انتظار “موت الضبع”، ولكن، ألم يؤت بهذا الرجل لأنه من طينة أخرى؟ لأنه يمثل كفاءة نزيهة، وقامة عالمية؟ فكيف نرضى له أن يُختزل في دور “الشمعة المرتجفة في مهب الريح”، وهو الذي خَبِر المحافل الدولية وتوسّد الملفات الكبرى؟

يا أبا الصفية،

إن كامل إدريس ليس مطالبًا بأن يُرضي هذا المعسكر أو ذاك، ولا بأن يتحول إلى “حية رقطاء” تنفث سموم اليسار، ولا “عصا عسكرية” تنفذ تعليمات المجلس السيادي، بل هو مطالب فقط بأن يكون رئيس وزراء للسودان، رئيسًا لا يؤم الطوابير الحزبية ولا يتزلف للعساكر، بل ينحاز لجراح الوطن الجريحة، ويقف على مرمى البصر من آمال الناس الذين يختنقون تحت ركام الحرب والجوع والتيه السياسي.

وصدقني، لا أجندة تنقذ هذا البلد إلا أجندة شعبه. أجندة لا تستند إلى عقيدة حزبية، بل إلى عقد وطني جديد، يعيد تعريف السلطة كخدمة لا مغنم، والسياسة كمسؤولية لا ميدان تصفية حسابات. أجندة تُعلي صوت القانون، وتضع حداً للإقصاء والانتقام والفساد، وتُرسي دعائم حكمٍ مدنيّ راشد، يقطع الحبل السري بين السياسة والبندقية.

ولئن دعوتَ في ختام مقالك إلى أن تكون أجندة كامل إدريس “محروسة بالشعب”، فأزيدك بأن هذا الشعب لا يطلب من رئيس حكومته أن يكون ساحرًا، بل أن يكون واضحًا، صادقًا، حاسمًا… لا شبحًا تتقاذفه التيارات.

ختامًا، لك مني التقدير كله على صراحتك التي لا تجامل، وحرصك على هذا البلد، ولقلمك دائمً النبض.

دمت بخير، ودام حرفك شاهدًا على محبة هذا الوطن.
وكل عام و انتم بالف خير

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى