
تحليل/أحمد يوسف التاي
×مشاركة الإمارات وكينيا وتشاد ستلقي بظلالها على المؤتمر
×حضور مصر والسعودية يبعث بتطمينات للخرطوم ولكن ليس بالقدر الكافي
(1)
يظل المؤتمر الدولي المنعقد حالياً بمشاركة (20) دولة في العاصمة البريطانية لندن لبحث الإزمة السودانية ولاسيما الأوضاع الإنسانية المتردية، يظل هذا المؤتمر على درجة من الأهمية البالغة من حيث التوقيت، والأبعاد الإنسانية والظروف الحرجة التي يعاني منها المواطنون السودانيون في معسكرات النزوح واللجوء، وحتى في المناطق المحررةالواقعة تحت سيطرة الجيش، والمحتلة الواقعة تحت هيمنة الدعم السريع.
(2)
وتنبع أهمية إنعقاد المؤتمر أيضاً من كونه يضع في أولوياته حداً للقتال الدائر، ووقف معاناة السكان في مناطق النزاع، والتركيز في تقييم الإحتياجات الإنسانية العاجلة وكيفية توصيلها للمستهدفين، وإلقاء الضوء على الأبعاد الإنسانية للأزمة السودانية.
(3)
المؤتمر أيضا عالج موضوعاً اساسياً وعلى درجة من الأهمية وهو كسر سياج التجاهل الذي ظل مضروباً على الأزمة السودانية ونتائج الصرع المشتعل لطالما ظل المجتمع الدولي يتجاهل ويتغافل عن المأساة الإنسانية الناجمة عن حرب السودان، غير أن هذا المؤتمر أنهى هذا التجاهل الدولي المفضوح الذي ارخى سدوله على أزمة الحرب في السودان وتجاهُل فظائع الحرب وانتهاكات الدعم السريع والمجازر التي ارتكبت بحق المدنيين.
(4)
بعد كل تلك الإيجابيات التي سبقت الإشارة إليها لابد من النظر إلى الجزء الفارغ من الكوب..وهو أن عزل السلطة القائمة (أيّاً كانت شرعيتها، إنقلابية، سلطة امر واقع، مغتصبة للسلطة) ومساواتها مع المتمردين يشكل عقبة كأداء أمام النجاح الكامل للمؤتمر خاصة ما يتصل بالتنفيذ على ارض الواقع التي تسيطر عليها الحكومة..
هذه الخطوة (العزل) دفعت الخرطوم للنظر إلى هذا المؤتمر بعين الريبة والشك، وكأنه حلقة من حلقات التآمر على البلاد، واستهداف السلطة القائمة، او هكذا كانت النظرة الحكومية..هذه النظرة الحكومية والانطباع الرسمي في الخرطوم سيلقي بظلاله على تنفيذ مخرجات المؤتمر خاصة فيما يتعلق بالالتزامات الرسمية وما يتوجب على الخرطوم عمله.
إذ كان ضروريا للمجتمع الدولي تعاون الجيش والدعم السريع فيما يتصل بالجوانب الإنسانية وتأمين الطرقات لإنسياب المساعدات وحمايتها وضرورة الإيمان بوقف إطلاق النار..وجود ممثلين للجيش والحكومة والمتمردين كان ضروريا للإلتزام والتعهُد حضورياً.
(5)
الخرطوم أبدت مبكرا تحفظاتها على عقد المؤتمر بدون تمثيل لها وللجيش واحاطتة بالكثير من الشكوك الموضوعية خاصة أن الدعوة للمؤتمر جاءت من بريطانيا وفرنسا اللتين كانت لهما صولات وجولات لإدانة الخرطوم داخل مجلس الأمن، كما أن مشاركة دول مثل الإمارات وكينيا وتشاد أثارت شكوك السودان بصورة اكبر خاصة وان هذه الدول ظلت داعما أساسيا للتمرد.
(6)
وجود دول مثل مصر والسعودية في المؤتمر بعث بعض التطمينات للخرطوم، ولكن ليس بالقدر الكافي..
ويبقى القول أن تنفيذ مخرجات المؤتمر بحاجة لأرضية سودانية صلبة موصولة بجسور الثقة بين السلطات السودانية والمجتمع الدولي غير أن هذه الجسور معدومة تماماً ، وجاء مؤتمر لندن ليزيد هذه الفجوة بدلا من تجسيرها مع الخرطوم..
إذن المؤتمر بدأ بداية خاطئة بتجاهل هذا الامر رغم ان توقيته صحيح واجندته مطلوبة التنفيذ وهو القادر على فعل شيء إيجابي إذا صدقت النوايا..