
بقلم/صبري محمد علي (العيكورة)
أعتقد إن لم يتحد الطلاب السودانيين بالجامعات المصرية و يؤسسوا إتحاداً لهم تُغذيه إتحادات فرعية ومجالس طلابية هي بمثابة البرلمانات كما كان على أيامنا
فلن يستطيعوا أن يُحققوا شيئاً في سبيل حل مشاكلهم المتصاعدة بمتوالية هندسية مع الجامعات المصرية وستكثر المناشدات وطرق الأبواب و سيكثر الإستجداء
والمصريون هُم هُم
لن يتغيروا رسميين وشعبيين وسيظلوا يستغلون طيبتنا وسذاجتنا يبيعوننا الوهم المُغَلّف بمعسول الكلام والوعود البراقة
والإتحاد هو الضمان الوحيد للقوة و لتوحيد كلمة الطلاب والتفكير بعقل جمعي واحد
تحت قيادة شابة وشجاعة تستطيع أن تنتزع حقها وتوقف هذا الإبتزاز عبر سفارتنا بالقاهرة
وقبل أن تستهجن الفكرة بالقول *(ويييين السفارة)*
دعني أحكي لكم بما حدث معنا عندما كُنّا طُلاباً بمصر ولعل ذلك كان في العام ١٩٨٥ إن لم تخونني الذاكرة
أيام الرئيس الراحل حسني مبارك فكان الطلاب السودانيين يُقبلون أسوة بزملائهم المصريين وكانت الجامعات و المعاهد العليا المصرية تقدم (١٥٠٠) منحة للبكلاريوس ومثلها للدبلوم ما قبل الجامعي
وكنا تنقاضى منحة شهرية من الحكومة السودانية مقدارها (٢٠)جنية مصري قبل تُرفع الى (٤٠) جنيهاً
ولكن كانت هنالك مشكلة تواجهنا سنوياً تقريبا أو كلما إرتفع (تيرمومتر) العلاقة السياسية بين الخرطوم والقاهرة فيطالبوننا بسداد الرسوم بالجنية (الإسترليني)
فأطلت في العام ١٩٨٥م هذه المشكلة إبان تواجدنا هناك وأشاع اليساريون من الطلاب أن إتحاد الكيزان والإرهابيون والى غير ذلك من المسميات البائرة لن يستطيع حل هذه المشكلة وأن مستقبل الطلاب أصبح في مهب الريح كما يقال وغنوا ما غنوا من قصائد الإحباط و ردحي اليسار المعروف
أذكر كانت رئاسة اللجنة التنفيذية لطالب الهندسة محمد عبد العزيز والسكرتير العام علي محمد عبد الله بندق طالب القانون وعضوية آخرين أعرفهم جيداً و من بينهم المتمرد الحالي وطالب كلية التربية آنذاك حسبو محمد عبد الرحمن
فقرر الإتحاد يومها وكان رئيس المجلس الستيني الراحل الدكتور إبراهيم هباني ومقرره هو (برلوم) القانون أحمد محمد هارون
قرر هذا الإتحاد الإعتصام داخل السفارة السودانية أيام كان المستشار الثقافي حسن صالح سوار الذهب علي ما اعتقد ..
فإستطاع هؤلاء الشباب أن يحشدوا الطلاب السودانيين من كافة محافظات مصر
دون أن ينتبه لهم الأمن المصري !
ولا تسألني عن الخُطّة و لكنهم فعلوها بذكاء شديد
وإكتمل الحشد في اليوم الموعود وأمام ذهول و رجاءآت الأمن المصري (بتهدئة اللعب)
(و ماشي يا محمد يا عبعزيز) إعمل اللي في دماغك يا محمد) !
وقد فعلها …..
إستطاع الإتحاد أن يُرضخ السفارة والحكومة المصرية لمطالبه وهي الإلغاء للإسترليني بل وأن يُصيغ الإتحاد بنفسه مُذكرة مباشرة للرئيس حسني مبارك بإسلوب ناضج وعقلاني إستطاع أن يُحقق من خلالها مطالب الطلاب وهي إلغاء موضوع الإسترليني وأعتقد من صاغها هو الطالب علي بندق وضابط المخابرات الذي أرهق القاهرة ودول شرق آسيا لاحقاً
من الطرائف أن صاحب ذلك الجمع هطول أمطار شديدة فما كان من الإتحاد إلا أن وفّر وبسرعة أكياس بلاستيكية ليستخدمها الطلاب والطالبات كغطاء للرأس أثناء الحفل الخطابي المطلبي الكبير فسماها الظرفاء منهم
*(بذات الأكياس)*
تذكرت هذه الحادثه أيام الشباب النضر والشجاعة التي تحترم الرسميات وسيادة الدول ولكنها كانت متمردة بفهم وتصرخ بفهم وتطالب بفهم وتهتف بفهم وتحتج بفهم ومنطق
فأين طُلاّب اليوم من تلك المفاهيم
ولماذا ظل الطالب الجامعي السوداني في هذا الزمن ما زال ينتظر أسرته وكأنه مازال يافعاً بالمرحلة الإبتدائية تفكر له وتوجهه !!!
فأين بناء الشخصية وأين بوتقة إتخاذ القرار والإعتداد بالنفس وتحمل المسؤلية الباكرة
أعتقد في ظل هذا الوضع فلابد للطلاب أن يرتفع صوتهم عبر سفارتنا بالقاهرة ولو أن يتجاوزها هذا الصوت
إن تمنّعت و أبت
فالسفير الذي نتابع والمُلحق الثقافي الذي نعلم لا خير في كثير من نجواهم
ولن يُحركُوا ساكناً
*(ناس مراسيل ساكت)*
إن لم يتحرك أصحاب القضية بأنفسهم عبر كيان واحد وهو الإتحاد فالإتحاد ثم الإتحاد
*ألا قد بلغت اللهم فاشهد*
الخميس ٣/مارس/٢٠٢٥م