مقالات الرأي

مخاطر مابعد الحرب..مطلوبات ضرورية لحماية الشرطة العميد صلاح كرار يكتب ل”5Ws-service”

بقلم/عميد ركن مهندس بحري “م” صلاح الدين محمد احمد كرار

في الحلقه السابقة امس تحدثتُ عن تجربة ادارة الدولة منذ الغزو التركي في ١٨٢٢ والاستعمار الانجليزي في ١٨٩٩ .
الي ان وصلنا الي فترة مايو التي شهدت تجربتين في الحكم الامركزي الاولي تجربه قانون الحكم المحلي في ١٩٧٢ والثانية قانون الحكم الاقليمي في ١٩٨١ .
وقلنا ان السلطة في هذه القوانين لم تنزل كاملة الي الاقاليم والمحليات ، الي ان جاء قانون الحكم الفيدرالي في ١٩٩٥
الذي انزل السلطة ونظمها بين المركز والولايات والمحليات . وحماها بالدستور والمحكمة الدستورية ( راجع مستويات الحكم الفيدرالي الثلاث في السودان )

اليوم سوف اتحدث عن كيفية الاستفادة من سلطة المحليات المشمولة في قانون ١٩٩٥ وقانون المجالس المحلية لعام ٢٠١٨ في خلق استقرار وامن للمواطنين بعد حرب الكرامة .
اولا لابد لنا من تأكيد حقيقة مهمة وهي ان القوات المسلحة والذين قاتلوا معها سوف تنتهي مهامهم عند تحرير المدن وتمشيط الاحياء والتاكد من خلو المساكن و المنشات العامة من الدعم السريع والاسلحة الفتاكة.
بعدها سوف تنشغل القوات المسلحة بمهام اكبر من حراسة الناس وتأمينهم .
و مفترض ان تتولي الشرطة هذه المهمة في تأمين المواطنين عبر اجهزتها المختلفة بالتعاون مع النيابة العامة والقضاء ، و هذا هو المفترض و الأختصاص .
ولكن من تجاربنا السابقة وجدنا ان الشرطة كانت اول الاهداف التي تتعرض للاعتداء وتعجز عن دفعه لا لانها جبانة او تخاف المواجهة ولكن لقصور وغياب القوانين التي تحمي رجل الشرطة عندما يتعامل مع المجرمين .
ولنا في ذلك امثله كثيره جدا منها ذلك الصول الذي طارد احد مهربي المخدرت وعندما تبادل معه اطلاق النار قتل المهرب و اودع ذلك الصول السجن ووجهت له جريمة القتل العمد( الماده ١٣٠) وفي اثناء ترحيله من المحكمة الي سجن الهدي هاجمت مجموعة من الدعم السريع عربه ترحيل المنتظرين والمحروسة بالشرطة وقتلت الصول وبعض الحرس من الشرطة واطلقت سراح باقي المتهمين في جريمة المخدرات الذين كانوا يتبعون للدعم السريع . حدث هذا قبل شهور من حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ .
وهناك مواقف و قضايا كثيرة تقف فيها الشرطة عاجزه عن اداء مهامها لانه ليس هناك قانون يحميها ان تصرفت .
اما القوات المسلحة ، عندما تستدعي عند حدوث فوضي وتعجز الشرطه عن مواجهتها فان القوات المسلحة وبالقانون تتعامل مع كل مجرم او حتي مُخرِّب باطلاق الرصاص للقتل ( Shoot to kill) .
فلماذا لا نحمي الشرطة بقوانين تحمي تصرفاتها في حماية المواطن .
ولا اعتقد انه بعد ما عاشه المواطن في السنتين الماضيتين ان هناك من يعترض علي اعادة النظر في القوانين المكبلة للشرطة في اداء مهام حماية المواطن وردع المجرمين .
وارجو الا يتبادر لاذهان البعض اني اعني فض المظاهرات ، او التعرض للمسالمين فذلك موضوع مختلف .
وايام انتفاضة ديسمبر ٢٠١٩ راينا كيف كانت تهاجم مراكز الشرطة وتحرق( من بعض المتظاهرين و المتفلتين المندسين بين من كانوا يعبروا عن اراء سياسية بسلمية ) ويعتدي علي الشرطة ويسرق سلاحها دون ان تفعل الشرطة شي الا اخلاء مواقعها . ومركز شرطة الصافية ببحري نموذجا .
كل هذه الامثله اعلاه كانت قبل الحرب ، والشرطة في كامل سلطتها المنقوصة بغياب قوانين تحمي رجل الشرطة ان حاول صد العدوان .
اما بعد الحرب فلم تستطيع الشرطة حماية حتي مساكنها مثل مجمع ضباط الشرطة السكني في السجانة و مدينة البشير السكنية في شمبات ببحري .
لانها كانت في ايام السلم مغلولة اليد فكيف عندما تشتعل الحرب .
هذا ليس قدحا في رجال الشرطة الذين قدم بعضهم روحه في معركة الكرامه خاصة ابناء الاحتياطي المركزي .
المطلوب اذن بعد هذه الحرب التي غيرت كل الموازين والاخلاقيات التي كان يتعامل بها الشعب السوداني من قبل ، المطلوب اصدار قوانين تحمي الشرطة عند التعامل مع كل من يحمل السلاح او يعتدي علي الابرياء ( تسعه طويله مثالا ) بالحسم اللازم ولو ادي ذلك لقتل المعتدي لانه في تلك الحاله لايتعبر تعامل مع مدني اعزل بل مسلح ولو بسكين .
اذن الشرطة هي الحلقه الامنية الرابطة بين الجيش والمواطن.
وسناتي لدور المواطن الذي ظل مفقودا ولابد ان يكون له دور بعد ما حدث له من جرائم وظلم طال الابرياء بسبب هؤلاء المجرمين .
اعود للحكم الفيدرالي وكيف نستفيد منه في بناء مؤسسات امنية شعبية لحماية المواطن في الحي والقرية والمدينة .
قانون الحكم الفيدرالي لعام ١٩٩٥ وقانون الحكم المحلي لعام ٢٠١٨ تحدث عن سلطة اللجان الشعبيه في القري والاحياء في كل محلية .
و من اللجان الشعبية في القري والاحياء في المدن يتم انتخاب ممثلين منها لتكوين مجلس المحلية التشريعي الرقابي الذي من سلطته اصدار دستور المحلية المنظم لعمل المحلية .
اذن اللجنة الشعبية هي الاساس القاعدي للحكم الفيدرالي ( Grass Root) لانها الاقرب للمواطن وينتخبها هو مباشرة .
كانت اللجنة الشعبية في الماضي تختص بامور ثانوية مثل اصدار شهادة السكن وبعض الشهادات المطلوبة من جهات حكومية ولم يكن لها سلطات في الدستور ولا قانون .
الان بالقوانين اعلاه وبوجود مجلس المحلية التشريعي الرقابي والذي يعتبر المولود الشرعي للجان الشعبيه و يستطيع مجلس الولايات اصدار قوانين تخول اللجان الشعبية في الاحياء ممارسة سلطات تنظم الحياه في الاحياء وتامنها ، منها :-
١. مراقبة ايجار الشقق والمساكن عند ايجارها وطلب المستندات من المستاجر والتاكد من انه لايشكل خطرا علي الحي .٢. منع اي مواطن بالحي الذي في حدود اختصاصها من استقدام خفير او عامله او عامل منزلي دون تصديق من اللجنة الشعبية بالحي.
علي اللجنة ان تتاكد انه ليس اجنبي ويحمل وثائق ثبوتية ويفتح له ملف عند اللجنه .( بالتنسيق مع الجهات الامنية المختصة )
٣. تختص اللجنة الشعبية بالتصديق للبائعين الموقتين مثل بائعات الكسرة والشاي وعمال الدرداقات واكشاك السجائر والاسكراتشات وعمال الافران بالحي ان كان هناك اسواق خضر ولحوم بالحي او القريه .( التصديقات اعلاه كانت موكله للضباط الادارين وشابها الفساد )
٤. ناتي الي اهم وظيفة تفرضها تجربة المأساة التي عاشها الشعب السوداني وهي تكوين قوه مسلحة تشرف عليها الشرطة من مواطني الحي محمية بقانون الشرطة الجديد ( الذي نتمني اصداره ) مهمتها حماية الحي ليلا وعمل ارتكازات فيه وان يكون اعضاءها متطوعين يعملون بنظام النوبتجية علي ان تراعي مؤسساتهم التي يتبعون لها هذه الخدمة التطوعيه بمنحهم ساعات في اليوم التالي للنوبجية كراحه .
هذه امثله لما يمكن ان تقوم به اللجان الشعبية الجديده المستمدة سلطتها من قانون الحكم المحلي والمحمية بمجلس تشريعي المحلية .
هذه افكار في خطوط عريضة يمكن ان تعقد لها ورش عمل في الولايات ، فمثلا ولاية الخرطوم بها سبعة محليات وتحت كل محلية عدد من لجان الاحياء
وكل محلية لها خصوصيتها ومشاغلها التي تنبثق منها مطلوبات التامين حسب المخاطر المحدقة بالحي او القرية .
ومرة اخيرة اذكر ان هذه الفكرة ان طبقت ، فهي تختلف عن جميع الافكار والمبادرات التي نقدرها ، و لكن هذه تختلف عنها بانها محمية بالقانون وتمارسها سلطه منصوص عليها في قانون مجالس المحليات لعام ٢٠١٨ وفانون الحكم الفيدرالي لعام ١٩٩٥ .
قصدت من هذه المبادرة المتواضعة ان الفت النظر الي قانون الحكم الفيدرالي وقانون المجالس المحلية كسلطه قانونيه
يمكن الاستناد عليها في تفعيل اللجان الشعبية في القري والاحياء لتحمل السلاح لحمايه نفسها واهلها وهي مدعومه بالقانون .
نسال الله ان يحفظ السودان واهله من شر الاشرار و المجرمين .

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى