
بقلم /مولانا حسين الفكي الإمام الأمين
(قاضي المحكة العليا سابقا – مقيم بدولة الامارات العربية)
تعاقبت علي حكم السودان بعد الاستقلال حكومات بمسميات مختلفة ، ومن هذه المسميات حكومة عبود ، حكومة مايو ، حكومة سوار الدهب ، حكومة الوفاق ، حكومة السيدين ، حكومة الإنقاذ. حكومة الظل واخيرا حكومة الأمل.
في الماضي كان مجرد ذكر الحكومة الا ويذكر معها الخوف والرهبة والعقاب وشيئا فشيئا تلاشت هذه المخاوف وأصبح النظر الي الحكومة مصدرا للسخرية والاستخفاف هذا بما كسبت ايدينا وبعدنا عن سيادة حكم القانون يحضرني في ذلك موقف احد الاصدقاء عندما كنت قاضيا بمحكمة كنانة الجزئية هذا وقد كان ينادي صغرى بناته ب( حكومة ) ويبدو ان ذلك مصدر الإعجاب بها وهي رمزية لدلع بنته الصغرى ولعل في هذا تعظيم للحكومة .
موقف اخر عندما ظهرت الجوالات ( الموبايلات ) لأول مرة قبل أن تصبح ذكية كان كثير من الناس يسجلون في تلفوناتهم اسماء لمن يرغبون الاتصال بهم خاصة وأنه لايجروء أحدا ان يسجل اسم زوجته باسمها بل كان يسجلها باسم ( الحكومة ) او ( حكومتي ) في غالب الحال ان هذه التسمية دلالة علي الرهبة او الخوف من الزوجة وربما دليل علي الاحترام وفي هذا هم قليل وحتي تلك اللحظة كانت الحكومة بهذا المسمي تدل علي انها حكومة قوية ومحترمة تغير هذا الحال في العقدين الأخيرين من هذا القرن
والسؤال لماذا كل هذه التسميات وما اثر ذلك في واقع حالنا اليوم ؟
طبعا حكومة عبود لم نعلم عنها كثير شيء وذلك لعدم ادراكنا وقتها لوظيفة الحكومة ودورها لصغر سننا هذا ما ينطبق علي حكومة أكتوبر والتي ندركها ( طشاش .. طشاش .) اما حكومة مايو فقد عشناها وعشنا واقعها ونحن طلاب في الثانوي وفي الجامعة وبعد الجامعة ( سنة الطيران ) وجزء من بداية عملنا الحكومي والمهني واذكر جيدا برنامج لقاء المكاشفة والوضوح ذلك اللقاء الشهري من الرئيس جعفر نميري وكنت معجب بقوله علي الملا ( ثورة مايو تراجع ولاتتراجع) يردد ذلك بعد دحره لكل انقلاب تعرضت له تورته والسؤال هل نجح نميري في تحقيق هذا الشعار،؟
الإجابة متروكة لفطنة القاريء اذ ليس من رأي كمن سمع .
اما حكومة الوفاق فقد طرحت هذا الشعار بقوة ( شعار التوافق السياسي ) وانتهي الأمر الي عدم الوفاق وجاءت حكومة السيدين وذهبت كغيرها ثم تلتها حكومة الفريق سوار الذهب ولم يسعفها الزمن في تحقيق رفاهية الشعب السوداني فكان أملها ان تتحقق الرفاهية للشعب عن طريق حكومة ديمقراطية منتخبة وكان الشقاق والفراق ثم تلتها حكومة الإنقاذ واستمرت ثلاثين عاما تحت برنامج ( الإنقاذ )
والسؤال هل استطاعت الإنقاذ تحقيق شعار إنقاذ الشعب السوداني مما كان عليه .
الان التجربة في ذمة التاريخ والأمانة في نقد تلك الفترة متروك للامناء .
اما ما نود ان نقوله لحكومة الأمل الحمل تقيل والزاد قليل ( قلة الامكانيات وضعف البنية الاقتصادية )
فلا يكفي الأمل وحده فلابد ان يصحب ذلك عزيمة وإصرار وإيمان بالله لايتزحزح ووحدة الأمة السودانية هي الطريق لتحقيق رفاهية الشعب السوداني .
اول شيء يستحق التركيز وجدير باعتبار هو لماذا ينتهي العمل في دواوين الحكومة الساعة الثانية ظهرا او الرابعة عصرا؟
العمل بنظامي الدوامبن أصبح ضرورة ملحة وطريق لاستثمار الوقت والجهد لتحقيق الرفاهية اذا ان هذا النظام طريق سلكته كثير من الدول نحو الحداثة والتطور والنماء فهل ادركنا قيمة الزمن خاصة الدوام المسائي مع الاخذ في الاعتبار النهضة التقنية الحديثة التي تعين في ان تجعل من الأمل والأماني حقيقة ماثلة وعملية في نفس الوقت لتحقيق قول الله تعالي ( وكانوا قليلا من الليل ما يهجعون ).
يا ناس اللالوب بدور ناسو ( رمزية لاستثمار الوقت من أجل العمران ).