مقالات الرأي

من يخرج “عسجد” من دوامة الإحباط والتحطيم النفسي بسبب الحرب وبيروقراطيةالمجلس الطبي

5Ws-servuce

بقلم/عصام محمد أحمد

وحلم عسجد لم يكن اكبر من امكانياتها وقدراتها. كانت تتأتي حلمها منذ ان بدأت دراسة الطب بالمدائن وكنا نؤمن معها وبها..لم يكن حلمها خارقا للطبيعة البشرية..ولم يتجاوز الحد الفاصل بين المنطق والمعقول…ولم يتعدَ كونه اقرب الي الواقع بالنسبة لخريجة طب متفوقه نالت اعلى الدرجات العلمية وتخرجت بتقدير امتياز مرتبة الشرف الاولى… هيأت نفسها لما بعد التخرج ورتبت مراحلها على المضي قدما في مشروع حياتها واستعدت لخوض غمار تحدي اخر وهو الاستمرار في العلم والتعلم…
حوالي 5 سنوات اخرى لتكللها وتتوجها بنيل درجة التخصص.. اقصى طموحات واماني الاطباء في الاوقات العادية.. وجاء  الحرب بكل سوءاتها وفظائعها تحمل نذير الشؤم.،وكان المتبقي من تخرجها 3اشهروبسبب ذلك تأجل لعام اخر.
لم تكن الحرب وحدها المسئوولة عن تعطيل مشروع حياتها فقد نزحت وهي تتابط أوراقها..وآمالها في تعويض تلك السنة التي سقطت من حساباتها ، ولكن حلمها وطموحها اصطدما بحائط اكثر قوة وصلابة من الحرب..حائط بناه النظام او السيستم البيروقراطي الممقوت الذي منح بعض الموظفين  في المجلس الطبي لتنظيم المهنة الحق في تقرير وتحديد مسار طلاب اجتهدوا وعانوا أشد انواع العذاب.. وكل استحقاق هؤلاء المظفين انهم “تغلغلوا ” في هذه المناصب ينخرون في مفاصلها كالسوس.. حتى اصبحوا جزاء من فشل منظومة متكاملة….
وما انهيارت دولة البيروقراطية إلا بسبب اطماع ومكاسب ربما مالية او اجتماعية يتمسكون من خلالها بتلك المناصب ولسنوات طوال بدون منافسة يديرون بنظام (سيستم) عقيم صنعوه بانفسهم واضعين في الاعتبار الاستمتاع بتحقيق مكاسب مستمره بغض الطرف عن تداعياتها وافرازاتها السالبه على الشرائح  المستهدفه من الطلبة….
مضى عام آخر بعد تخرجها وبدأت التدرب.. وبعد اكثر من عامين الفترة المفترض ان تقضيها بعد انتهاء فترة الامتياز
واخيرا تم استدعاءها لاداء القسم المهني في بورتسودان، وتفاءلت خيرا بهذا الاجراء…وقد مضى الآن اكثر من نصف العام ومازالت تنتظر خطاب تمهيدي الإمتياز فأي سقوط  وأي إحباط اكبر من هذا ..نفسيا اصابها القنوط واليأس
وخار عزمها وضعفت عندها قوة الإرادة  مثلما سقطت كل تلك السنوات من حسابات مشروعها ..
عام بسبب الحرب وعامين ونصف العام بسبب المجلس الطبي وفشله في تنظيم المهنة… اي انها فقدت ثلاثة اعوام ونصف من الخمسة اعوام التي وضعضتها في خطط برامجها التي حددتها ب5 اعوام…
المؤلم جدتً ان كل تلك الجهود وتلك السنوات “راحت شمار في مرقة” وبلا تعويض وربما تستمر السنوات في التساقط اذا لم يتصدى احد ما لهذا المجلس ولم يتعرض للمساءلة او المحاسبة ومراجعة الاداء الاداري والمالي والتفتيش عليه…
تكسير القدرات وتحطيم الطموح .. وتسفيه الاحلام لم يقتصر على الحرب وحدها ولكن تجاوزت إلى ما سوها..فمن لعسجد ينظر في مظلمتها وياخذ بيدها ويخرجها من دوامة الإحباط والتحطيم النفسي..من ؟ ثم من ؟..

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى