مقالات الرأيأحمد يوسف التاى

مهرجانات” خور ود الحسن و”كباتن” المحلية

نبض للوطن || أحمد يوسف التاي

 

أولاً العنوان أعلاه ليس مقتصراً على معتمد أو مدير تنفيذي محدد بل يشمل كل المسؤولين الذين تعاقبوا على الإدارة منذ أكثر من عقد من الزمان..

قبل “14” عاماً كتبتُ تحت عنوان (سد العطشان…مأساة بلا وجيع وضحايا بلاثمن).. كتبتُ عن قضية سد “خور ود الحسن” المسمى تجاوزاً ب” سد العطشان” وهي قضية ظلت تجسد بؤس التفكير لدى المسؤولين في ولاية سنار وتواضع خبراتهم، وسوء إدارتهم للأزمات وتقاذم قاماتهم أمام “خور” موسمي صغير، كلما جاءهم في زيارته الموسمية المعروفة بتوقيتها المعروف وجدهم حفاةً عراةً من فضيلة التفكير الذي يليق برجال الدولة..بل يجدهم في كل عام منذ (14) عاماً غارقين في اوحال التخبط والإرتباك كالسكارى الحائرين، وفي أحسن الأحوال كأم العروس التي فقدت المعين والسند والجيران في اللحظة الحاسمة وهي تستقبل ضيوفاً كالسيل الهادر في تدفقهم إلى الدار.

(2)

ظلت هذه المأساة تتكرر منذ العام 2011 وإلى يومنا هذا، وبحلول الكارثة الموسمية ينقطع طريق “الدندر – الحظيرة” تماماً بعد أن يبتلع “الخور” السد الترابي الذي درج على “إنجازه” المسؤولين قبل شهر أو شهرين من زيارة السيد “الخور” بتكلفة تبلغ مليارات الجنيهات في كل عام، (بالمناسبة ردمية هذا العام التي لم تصمد ساعة واحدة أمام المياه المندفعة كلفت المحلية ما يقارب 60 مليار جنيه).. في كل عام ينقطع الطريق وتحاصر المياه قريتي الرميلة، وبانت حصاراً تماماً وتتساقط على أسرها منازل ، وتُعزل مئات المشاريع الزراعية الشاسعة المقدرة بما يقارب المليوني فدان مطري عن الولاية، في توقيت حرج جدا يكون فيه المزارعون أحوج ما يكونون للتواجد بين حقولهم ومشاريعهم الزراعية ومحاصيلهم التي قاربت موسم الحصاد.. لا أحد يتصور المعاناة التي يعيشها سكان قرى شرق الدندر البالغة 200 قرية وبينهم المرضى والحوامل والمزارعون الذين هم أشقى الناس بهذه الكارثة المتجددة التي ظلت تبتلع “الميزانيات الضخمة” في كل عام بلا جدوى كما ببتلع خور ود الحسن تراب الردميات في أقل من ساعة كأنما هو في “رهان” مع حكومة الولاية..

(3)

في تقديري أن خطورة الأمر وتعقيداته تكمن في أن حكومات الولاية المتعاقبة تخطيء في تقديرها للموقف وتظن أن الأمر مجرد خور ويمكن عمل ردمية وسد ترابي لحجز المياه المتدفقة من السد، وهو أمر يمكن أن تقوم به محلية الدندر من مواردها الخاصة هكذا يظن الولاة المتعاقبون.. و”كباتن” المحلية ينامون على وسائد هذ “الظن” لشيء في انفسهم.. فلم يجتهدوا في توضيح خطورة المشكلة وطريقة معالجتها الجذرية، وكأن مسؤولي المحلية المتعاقبين على الإدارة يريدون استمرار الوضع كما هو للإستمتاع باستقبال الخور في كل عام، ومن المؤكد أن العلاج الجذري سيفسد عليهم متعة “مهرجانات الخور”، فهناك ميزانيات ضخمة تُرصد لردمية الخور في كل عام وحركة وجري..ومع ذلك لا تصمد الردمية إلا ساعةً من نهار أو ليل..

سألتكم بالله أيها المسؤولين في الولاية والمحلية ألم تكن هذه هي الحقيقة المُرة والتراجيديا المحزنة التي لاتحاول سماعها..

طيب..ما الحل؟

(4)

في لحظة صحوة ضمير تداعى عدد من المسؤولين في الولاية والمحلية ورفعوا الأمر إلى المركز وتفاعل وقتها النائب السابق علي عثمان محمد طه وصدق بإنشاء كوبري على نهر الدندر يكون جنوب الخور ليتجاوزه ، وبشر والي سنار أحمد عباس وقتها بذلك وسمعته يقول ان الكوبري اٌدخل ميزانية 2013..وكل الدراسات اجمعت على أن قريتي اللويسة وأم دمور هما الأنسب فنيا لإنشاء الكوبري، وابلغني بذلك مهندسون في الطرق والجسور كما بعث لي الراحل المهندس الرشيد أحمد الأمين بالطلب المصدق عليه من الحكومة الاتحادية، لكن للأسف الشديد اعترض نافذون بالمحلية على إنشاء الكوبري بالموضع المقترح والمجمع عليه فنياً وأرادوا تحويل المقترح إلى قرية ابو هشيم وهو أمر غير منطقي بالمرة ومارسوا ضغوطاً على المعتمد الراحل أحمد المنصور ، وقد اختلفوا اختلافا كبيراً، مما أدى إلى تعطيل المشروع واستمرار المأساة إلى يومنا هذا..!!. طيب أها خموا وصروا..

(5)

المهم الآن المشكلة واضحة، والحل أوضح، ومن العبث أن نظل نرصد الميزانيات الضخمة ليبتلعها الخور واصدقاء الخور ومحبوه، إلى متى نظل أسرى لهذا السخف ولعب العيال..

إن كان لابد من إنصاف، اقول ان الأخ المدير التنفيذي للمحلية الضو أحمد يعقوب أجتهد وبذل الكثير من الجهد وواصل الليل بالنهار في عمل مضني ومتواصل لإيقاف هذه الكارثة لكن للأسف لم يتجاوز تفكيره تفكير الذين سبقوه وهو اللجوء للردميات الترابية غير المجدية.. كما أن هذه الكارثة أكبر من المحلية ومن المدير التنفيذي بل أكبر من الولاية، فالأمر يحتاج إلى وقفة صلبة ومسؤولة من المركز ،فالقضية أكبر من طاقة المحلية والولاية، وليس هناك حل غير الكوبري وفي الموضع المقترح، وهذه مسؤولية الحكومة الاتحادية.

مرة من المرات سألتُ المهندس المسؤول في حضور المدير التنفيذي: لماذا لا تقومون بعمل منافذ للمياه (عِلب)، رد الرجل على سؤالي بسؤال : كيف يعني سد ترابي يعملو ليهو منافذ وعلب؟! ..(بل عجبتَ ويسخرون وإذا ذُكِّروا لايذكُرون)…..اللهم هذا قسمي فيما املك..

نبضة اخيرة:

ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق إنه يراك في كل حين.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى