مقالات الرأي

نحن شركاء في الدمار!

إن أريد إلا الإصلاح || محجوب مدني محجوب

بقلم / محجوب مدني محجوب

إن كان المجرم ذكيا، فلا ينبغي أن يكون الضحية غبيا، فالمجرم حتى يسوغ لجرائمه، وحتى يضعها في قالب الصواب يقوم بجر كفاءات دينية وسياسية وثقافية نحوه؛ لتدعم مشروعه الإجرامي.
فبدلا من أن يكتفي وحده بالتلوث يجر معه رموزا دينية وسياسية وثقافية؛ لتشاركه ذات التلوث.
إن هدف أسلوب هذا المجرم من تقريب هذه المنابر حوله مفهوم ومعلوم وهو أنه يريد أن يغطي سوءته بها.
إلا أن كل الأزمة في هذه الرموز التي إما أن تكون صدقت خبثه محاولة أن تجعل من الشيطان ملكا أو أنها لا تختلف عنه في الخبث والدهاء.
وفي كلا الموقفين ضرب للرمز الذي يمثلونه.
ويا ليت ارتبط السوء بشخوصهم، ويا ليت وقف عند أسمائهم، ولكنه للأسف تعدى شخوصهم، وتعدى أسماءهم؛ ليصل إلى ما يمثلونه من رمز.
فمن وقع في مستنقع السياسة النتن من العلماء أساء للدين.
فكما أنه إذا وقف وقفة عز وإباء إزاء اللف والدوران سيمنح الدين عزه وقوته وشموخه، فكذلك وقفته الدنيئة الداعمة لما هو باطل سواء بعلمه أو بجهله، فهذه الوقفة أساءت للدين.
وكذلك صاحب الفكر السياسي أساء لفكره.
وصاحب المنبر الإعلامي أساء لمنبره.
وصاحب الشعر الرصين أساء لشعره.
يقال عن معمر القذافي انه دعا أحد الفائزين بجائزة نوبل؛ لتكريمه ببلاده، فرفض صاحب الجائزة دعوته؛ ليضيف إلى جائزته جائزة أخرى، وذلك بقوله ما كان لي أن ألوث جائزتي بتكريم طاغية.
إن الخط الذي يقف في وجه الطغاة من علماء وساسة وأدباء وإعلاميين ومثقفين ليس فقط سيحترمون ويقدرون منابرهم بذلك، وإنما القيمة الأعظم هي أنهم سيكونون بذلك سلاحا في وجه الطغاة.
سيعملون على كسر شوكتهم، وعلى افتضاح ملعوبهم على الشعب.
ولا شك أن التماهي معهم سيقدم لهم خدمة ودعما أفضل من الخدمة والدعم الذي يقدمها لهم الذين يشاركونهم في ذات الجرم.
فيا من تدعي دينا، فقد أسأت لدينك مرتين مرة بتلطيخ دينك بالباطل، ومرة بتقوية الطغيان.
وكذلك صاحب كل منبر، فهؤلاء للأسف هم أخطر على الأمة من الطاغية نفسه.
فإن كان الطاغية يقوم بطمس كل ما هو حق، فإن أصحاب المنابر سيعملون على إلباس هذا الباطل ثوب الحق.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى