
بقلم / أحمد يوسف التاي
(1)
لقي مواطن بقرية أم عقرب شرق الدندر مصرعه بطلق ناري أرداه قتيلاً في الحال..وتحول حفل العرس إلى مأتم في لحظات قلائل..ووجم الناس وحالة من الحزن العميق لفت المكان..ذلك بأن الناس كانوا يستهترون بقرارات أعلى سلطة في ولاية سنار لكن هل نلومهم؟ أم نلوم تهاون الجهات الأمنية ولجنة أمن المحلية وتساهلها مع هذه الفوضى القاتلة؟ وتغافلهاعن هذا الخطر؟..
قبل عدة أشهر وتحديدا عقب عيد الفطر كتبتُ في هذه الزاوية عن ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات واوردنا أسماء الضحايا الذين تعرضوا لإصابات بالرصاص الحي بمحلية الدندر ،منهم أطفال كانوا يهنأون بلعبهم في فناء منازلهم ومنهم مارة بالطرقات والأزقة غارقون في مستنقع همومهم، وبينهم من اقتحمت رصاصات طائشات غرف نومهم وسرقت منهم الطمانينة والأمن ولم يقتصر الأمر على المدينة حيث اللجنة الأمنية والمدير التنفيذي بل تعداه إلى قرى شهدت وفيات بسبب انتشار السلاح في أيدي من لايعرفون مفهوم الأمن وتأمين سلامة المواطن..حدث كل ذلك رغم أنف قرارات الوالي السابق..وقرارات لجنة الأمن بالمحلية.
وقتها تواصلنا مع رئيس اللجنة الأمنية وأكد أن استخدام السلاح تم من قبل منسوبين للقوات النظامية من بينهم ضابط برتبة لواء وقد اعتذر الضابط للجنة وانتهى الأمر عند الإعتذار ..ورغم ان الإعتذار لم يكن لأسر الضحايا أصالة عن نفسه ولانيابة عن الآخرين ولكن تجاوز الناس آلامهم وأوجاعهم و(كضموا)..هذا ماكان في عيد الفطر ..فماذا عن عيد الأضحى..؟
(2)
مرت الأيام وجاء عيد الأضحى وشهدنا مناسبات جديدة في العيد..وشهدنا على الأقل حالة وفاة وإصابات، وسيول منهمرة من الرصاص تنهال على المواطنين، تسقط على رؤوس المنازل أو تحلُ قريبا منها فتحيل طمانية الناس إلى رعب وتبدل أمنهم خوفاً وزعراً..يحدث ذلك رغم أنف قرارات الوالي اللواء الزبير حسن السيد..فهل حدثوك يا سعادتك عن استمرار الظاهرة وتحديها لقراراتك، وهل أخبروك بأن مواطنا لقي حتفه برصاصة طائشة وآخر اصيب باحد أحياء المدينة، أم دبجوا لك التقارير غير الدقيقة وقيل لك كل شيء تمام يا سعادتك؟..
هذه الظاهرة التي انتشرت بصورة مجنونة وقاتلة أحالت كثير من الأفراح إلى مآتم وأحزان مؤلمة لكثرة إنتشار السلاح ،لذلك جاءت قرارات كل الولاة في ذلك حاسمة وغير قابلة للتراجع والتلكؤ في تنفيذها مهما كانت الظروف ، ومعظم الولاة حذوا حذو والي نهر النيل عندما قرر اعتقال العريس أو والده أو شقيقه في حال تعذرت معرفة من أطلق النار، ولعل في ذلك مزيد من التشديد والحسم.. لماذا تعجز اللجنة الأمنية بمحلية الدندر عن محاصرة الظاهرة وتطويقها؟ ولماذا تتهاون في تنفيذ قرارات الوالي خاصة وأن القرار متعلق بأمن المواطن وحياته؟ ولماذا تضعف أمام هذه الفوضى وكان الأجدر بها بسط سلطان الدولة وهيبتها..فإن لم تكن هيبة الدولة في تطبيق قوانينها وتنفيذ قرارات رأس الدولة والولاية ففي ماذا تكون هيبة الدولة إذن.!!!..
(3)
نحن لانلوم الوالي ، فقد أصدر القرار الصائب الذي يحمي المواطن من هذه الفوضى ، ويضع حداً لهذه الظاهرة المزعجة الممقوتة والمستهجنة من كل الناس.. فهل نطلب من الوالي تنفيذ القرار بنفسه؟
سلطة الوالي التنفيذية في المحلية هي المسؤولية عن تنفيذ القرار ومحاصرة الظاهرة بإنزال العقاب المقرر بنص القرار سواءً أكانت بمصادرة السلاح أو الغرامة أو العقوبتين معاً..
(4)
ثم يبقى القول أن السلاح الذي يتهامر كالمطر على رؤوس الآمنين ويبث الخوف والرعب في كل مناسبة زواج فإن معظمه بأيدي القوات النظامية والمستنفرين ..
وهناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق قادة هذه القوات وهم أعضاء بلجنة الأمن فعليهم التشديد والتحذير والإنضباط أكثر ، فإن عجز قادة هذه القوات عن ضبط منسوبيهم فهم أعجز من تنفيذ قرارت الوالي، وإن هم بقوا على هذه الحال فإن المُلام حينها الوالي وحده لا شريك له، لأنه أبقى من لم يحفل ولايعبأ بقراراته.
(5)
استمعتُ اليوم الجمعة أيضاً إلى خطبة مولانا الشيخ الأستاذ عبد الوهاب آدم مصري وقد تطرق إلى هذه القضية التي أرقت الناس وغضت مضاجعهم، وقد شاهدت كيف تفاعل معها المصلون عقب الصلاة مما يعني أن المواطنين تأذوا كثيراً من هذه الظاهرة..وقد سمعنا اليوم بعد الصلاة عن ضحايا ومصابين جدد للظاهرة خارج المدينة وداخلها..
بالمناسبة وبينما انا اكتب هذا المقال هاتفني موظف بالبنك الزراعي ليخبرني بأنه اللحظة التي يتحدث معي كان يسمع اصوات الرصاص تنبعث من ساحة حفل زواج بمقربة منه ولاعزاء لقرارات الوالي ..
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق إنه يراك في كل حين.