بترقب مشوب بالقلق والحذر تتجه أنظار السودانيين إلى العاصمة البريطانية لندن حيث إنعقاد
مؤتمر لندن الدولي الذي يعقد هناك لبحث الازمة السوداني ووقف الحرب التي اندلعت قبل عامين في نفس تاريخ إنعقاد المؤتمر الذي ينطلق غدا الثلاثاء الموافق الخامس عشرمن ابريل .
المؤتمر الذي يبحث إنهاء الحرب الدائرة في السودان منذ عامين وتشريد ملايين السودانيين من منازلهم ، دعت إليه بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بمشاركة وزراء خارجية 20 دولة،
و استثنت أطراف النزاع السوداني من المشاركة.
الحكومة السودانية من جانبها التزمت الصمت إزاء هذا الاستثناء ولم ترحب رسميا ولم ترفض انعقاد المؤتمر الا بعض الانتقادات السابقة لتغييب الحكومة عن مؤتمر يناقش الازمة السودانية.
تحالف القوى المدنية (صمود)
الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك، شوهد وفدا منه بالعاصمة البريطانية منذ أيام، ربما بهدف عقد لقاءات هامشية بالمشاركين في المؤتمر، وتقديم مقترحات تضمن رؤية تحالف صمود للحل من خلال بعض المشاركين.
ويسعى المؤتمرون للوصول إلى صيغة، تدفع في اتجاه السلام والاستقرار في السودان، وممارسة مزيد من الضغوط الدولية على الأطراف لوقف الحرب، وتقديم الدعم اللازم لمواجهة الكارثة الإنسانية التي تعيشها البلاد.
القيادي في «صمود»، وزير شؤون الرئاسة في حكومة حمدوك السابقة، خالد عمر يوسف، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن أهداف الزيارة، والاستراتيجيات المطروحة، وتطلعات التحالف لإحلال السلام. كما تحدث عن آخر التطورات في السودان، مؤكداً وجود تواصل مستمر بين تحالفه وطرفي النزاع؛ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وخصمه قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، كما أكّد وجود تواصل مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، في مسعى لإنهاء الحرب في السودان.
يؤكد يوسف أن مؤتمر لندن يمثل خطوة إيجابية لتوحيد الجهود الدولية، خاصة مع ضعف الاهتمام العالمي بالأزمة، رغم حجم الكارثة. ويشير إلى أن الأمم المتحدة تحتاج إلى 6 مليارات دولار لمواجهة الاحتياجات الإنسانية في 2025، لكن لم يتم جمع سوى 4 في المائة من المبلغ حتى مارس الماضي. وقال: «حضورنا إلى لندن يهدف أيضاً إلى التواصل مع السودانيين في بريطانيا لتوحيد مطالبهم، ومع الوفود المشاركة في المؤتمر لعرض أفكار محددة، مثل إيجاد آلية تنسيق بين المجتمع الدولي، تعمل بصفة دائمة، لمعالجة الأزمة الإنسانية وتسريع جهود السلام».
وكشف يوسف عن محاور المقترحات التي قدّمها التحالف، والتي تضمنت عقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم الأفريقي لاتخاذ إجراءات لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات، وعقد مؤتمر آخر للمانحين لسدّ الفجوة التمويلية للإغاثة، وتقديم الدعم اللازم لمواجهة الكارثة الإنسانية التي تعيشها البلاد، وإطلاق حوار سياسي برعاية أفريقية؛ الاتحاد الأفريقي ومنظمة «إيغاد»، المعنية بالسلام في القرن الأفريقي، مدعومٍ من مجموعة تنسيق دولية. إضافة إلى صنع حزمة ضغوط على طرفي الحرب، لوقف إطلاق النار فوراً، تمهيداً لحوار سياسي تحت رعاية أفريقية، وبدء التخطيط لإعادة الإعمار حتى قبل انتهاء الحرب.
ويقول يوسف، الذي يشغل في ذات الوقت منصب نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، في مقابلة مع «الشرق الأوسط» من لندن، إن رئيس «صمود» د. عبد الله حمدوك أرسل رسالة بالمقترحات المذكورة لوزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، وعبره إلى المشاركين في المؤتمر.
وصف يوسف اجتماع لندن بأنه «مبادرة جيدة للغاية أتت في وقت مفصلي». وأوضح أن الكارثة الإنسانية الناتجة عن الحرب تقع على قمة القضايا الأولويات التي سيبحثها وفده مع أعضاء المؤتمر. وتابع: «مجرد عقد المؤتمر بهذا المستوى الرفيع أمر مهم، يمكن العالم من الإسهام في القضايا الرئيسية وقضية إحلال السلام في السودان».
وعن ضعف الاهتمام الدولي بالازمة السودانية، مقارنة بأزمات مثل غزة وأوكرانيا، وسوريا ولبنان، والانقسام الدولي حول التطورات في السودان، يجيب يوسف: «الحلّ يجب أن يبدأ من السودانيين، وتقع على عاتقهم المسؤولية الرئيسية». وأوضح أن «الانقسام الإقليمي والدولي المحيط بنا يزيد من تعقيد الأزمة، ويصعب على السودانيين الحلول، لذلك تواصلنا مع المجتمع الدولي ليسهل إيجاد حلول للأزمة وألا يعرقلها، وهذا هو الأساس في تواصلنا مع الأسرة الدولية». ويضيف: «الحرب لم تعد تهدد السودان فقط، بل أصبحت خطراً على أمن المنطقة، خاصة مع انتشار الجماعات الإرهابية في بعض دول الجوار».
وتابع: «ليس من مصلحة السودانيين والمجتمعين الإقليمي والدولي استمرار الحرب، فقد وضح الآن أنها تجاوزت كونها حرب سودانية داخلية، وبدأت تؤثر على الأمن والاستقرار في دول الجوار، وبدأت تتطور إلى حروب ونزاعات مماثلة في دول الجوار، مهددةً السلم والأمن الإقليمي والدولي».
وحول التواصل مع الإدارة الأميركية الجديدة، أبلغ يوسف «الشرق الأوسط» أن التحالف على اتصال مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، بقوله: «لدينا اتصالات مع الأميركان، ونأمل أن تطور إدارة الرئيس دونالد ترمب رؤية واضحة لكيفية مساعدة السودانيين في إنهاء الحرب».
وأبدى يوسف أمله في أن تشمل جهود الإدارة الجديدة، العاملة على إسكات صوت البنادق حول العالم، السودان، وأن تبذل جهوداً مماثلة لوقف الحرب في السودان.
أبدى يوسف تفاؤله بوقف الحرب، وقال: «لم نفقد الأمل في عودة الحكمة والتعقل لأهل الشأن، فالحرب أدّت إلى جرائم ضخمة في حق المدنيين، وتنذر بتفتيت البلاد، ووصلت مرحلة اللاعودة»، وأضاف: «نأمل أن ينبذ السودانيون العنف ويلجأوا لحل الخلافات عبر الحوار والسبل السلمية لإدارة تبايناتهم، وليس عبر البندقية».
وأرجع يوسف تفاؤله بنهاية الحرب إلى ما أسماه «تزايد واتساع قاعدة المؤمنين بالحلول السلمية باضطراد»، وقال: «هناك حوار وعمل مدني وتمسك بالحلول السلمية السودانية، لتعزيز جهود إنهاء الحرب في أقرب وقت».
وعدّ يوسف الانقسامات العميقة بين السودانيين التي أحدثتها الحرب «أكبر خطر يواجه وحدة البلاد»، بموازاة مخاوف من تقسيم السودان، بقوله: «هناك استقطاب حاد بين مكونات اجتماعية عديدة في البلاد، سيخلق بيئة خصبة لمشروعات تفكيك السودان»، وتابع: «ظللنا نتحدث عنها قبل اندلاع الحرب، بأنها سيناريوهات قد تقود إلى تفتيت السودان، واستمرار الحرب سيؤدي إلى تفتيت البلاد، ويهدد وحدتها وتماسكها»، ورأى أن الوقف الفوري للقتال والانخراط في حوار جدي بين السودانيين هو الطريق الوحيد للحفاظ على وحدة السودان وسيادته.