مقالات الرأي

يوميات نازح : مشاهد لن تسقطها الذاكرة  مادمت حياً (1))

الطيب الصاوي المحامي يوثق لجرائم "الدعم السريع"

 

توثيق/ الطيب الصاوي المحامي

في مدينة سنجة الوادعة الجميلة، وتحديدا في الحي الشرقي منها وبينما  كنا جلوسا بعد صلاة العصر وصلنا خبر ان ميليشيا الجانجويد التترية الهولاكية وصلت منطقة القويزات قلتها بالحرف الواحد القويزات تعني الدرجة، تعني القلعة …

في ذلك اليوم كان هنالك عزاء في شرق سنجة وكانت نساء العائلة في العزاء وتركوا معنا الأطفال وبعد ربع ساعة فقط من تلقينا الخبر كانت ميليشيا الجانجويد التترية الهولاكية الارهابية وصلت القويزات.. سمعنا دوي رصاص بطريقة مكثفة وكان فيه عنصر المفاجأة ،حيث كان الهجوم من غرب المدينة كان المخرج الوحيد لأهل سنجة هو الحي الشرقي عبر السد إلى كبري ود العيس.. في أقل من نصف ساعة تزاحم سكان سنجة تجاه الحي الشرقي كما يتزاحم الحجيج في يوم عرفة ورمي الجمرات ولم نفكر في اخذ اي شئ إلا إنقاذ أطفالنا ونحن على السد ( الترس ) الرصاص يتساقط أمامنا واخذنا نؤشر للعربات من أجل إنقاذ الأطفال لحسن الحظ مرت بجانبنا سيارة (اتُس) من الشرق ونعرف صاحبها حق المعرفة وتربطنا به علاقة ادخلنا كل الأطفال في العربة وتحركت وسط زحمة من السيارات بدأنا نفكر في كبار السن وتبقت معنا طفلة صغيرة كانت بصحبة جدتها وجدها..

في هذه الظروف مرت على حالة إنسانية ، ومشهد محزن سيظل عالقا  بذاكرتي إلى أن أقضي نحبي.. إمرأة تحمل طفلها على كتفها وتصيح يا جماعة يا أهل الخير طفلي متوفي اوقفوا سيارة تأخذني.. إنها تستغيث مذعورة مذهولة وهي تحمل طفلها الرضيع المتوفي..في هذه الأثناء تركنا كل همنا وفكرنا في مساعدتها.. اوقفنا لها سيارة (هايس) وهي تبكي وتنتحب على طفلها ثم فكرنا في مخارجة كبار السن والطفلة ..

توقفت لنا وسط الزحمة سيارة “غمارتين” ركبنا ونحن في الطريق وجدنا امرأتين في حالة صدمة كاملة احداهما كانت احسن حالا من الأخرى استطاعت ان تركب السيارة بمساعدة بسيطة وتم رفع الأخرى وهي في حالة صدمة لأنها كانت في جنائن الحي الشرقي وتركت أطفالها في المنزل وهن يسكن حي الدرجة وهو الحي الذي اقتحمته الميليشيا الارهابية في بداية الهجوم ونحن متحركين نحو الكبري فرأينا من يحمل كبير سن على درداقة وهنالك من يحمله على ظهره وهنالك من يجر مقعدا على كرسي متحرك وهنالك من يحمل معاقا على كارو ومع الزحمة كانت حوادث المرور تترا ، حادث هنا وآخر هنالك كذلك ترى من يربط رأسه من ضربة شظية وصلنا مشارف الكبري كان هنالك تواجد للجيش على الكبري لكن ليس بحجم حماية الكبري من حيث نوع التسليح والعدد والعدة والعتاد وكنا نراهم أمامنا يتوزعون تارة يدخلون الخنادق واخرى يخرجون وكنا نلاحظ شدة الارتباك عليهم ودوي رصاص الميليشيا التترية الهولاكية الارهابية ليس ببعيد وكثافة نيران لم يسبق لها مثيلا..

خرجنا من الكبري وسط زحمة من السيارات بأنواعها (الركشات والتكاتك والمواتر والكوارو والدفارات والتركترات) والأغلبية العظمى راجلين وأغلبهم خرج بما كان عليه من ملابس.. ونحن في الكبري رفع لنا رجل طفلة عمرها حوالي عشر سنوات تحمل أخيها الرضيع وطفلين اخرين وتوجهنا شرقا حيث المنزل الكبير نحن وضيفنا الذين جمعنا معهم ظرف النزوح بعد الغداء وصلاة المغرب هنالك خمسة أشخاص وهم أصحاب السيارة التي انقذتنا قرروا التوجه إلى مدينة الدندر ليلا وصلهم تلفون ان الشرق غير أمن ويظهر انهم يعملون في السلك الحكومي بيتنا تلك الليلة على صوت الطيران وانفجار البراميل إلى اذان الصبح وبعده توقف الطيران..

كان يوما عصيبا وصعبا للغاية وسقطت مدينة سنجة في غفلة وفي زمن قياسي لا يتجاوز نصف الساعة وخرجنا منها بما كنا نلبسه من ملابس وتركنا كل ما نملك من متاع الدنيا في منازلنا نهبا للميليشيا التترية الهولاكية الارهابية التي نهبت المنازل وااممتلكات وقتلت الأبرياء وضربت ونكلت بهم واغتصبت وانتهكت الاعراض وقضت على الأخضر واليابس وتركت البيوت مفتحة الأبوابها  على مصراعيها لعصابة النهابين والسارقين والسارقات ما ارتكبته ميليشيا الجانجويد التترية الهولاكية الارهابية في حق المواطن السوداني لم يحدث ولم نسمع به في تاريخ العالم قديمه وحديثه الله ينتقم ويغضب على من أشعل هذه الحرب او ساهم في اشعالها او حرض عليها ولو بكلمة ربنا يأخذ حق الشعب السوداني من كل من ظلمه في الدنيا والآخرة ويصلح حال البلاد والعباد والى ان القاكم في يوميات نازح اترككم في رعاية الله وحفظه.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى