مقالات الرأي

اختياراتي مدمرة حياتي (2)

فايف دبليوز سيرفس

بقلم /  د. ناهد قرناص

دار بيني وبين الاعلامي القدير (عماد البشرى) اثناء استضافته لي قبل سنوات خلت في برنامجه الجميل (طوق الياسمين) ..دار بيننا نقاش حول عمل المرأة وتبعاته وذلك عندما اراد الاستاذ عماد اذاعة اغنية (العزيزة) وكيف انها من الاغنيات القلائل اللاتي مجدن عمل المراة عند مقطع (عزة العامله ومشيها) ..حينها تساءلت بدوري ..(متى صار عمل المراة مشكلة؟)..

المراة العاملة موجودة منذ الأزل.

المراة تعمل منذ فجر التاريخ ..جدران المعابد تشهد بذلك ..المراة تزرع وتحصد ..ترعى الماشية ..عملت ماشطة وداية ..معلمة وطبيبة وممرضة ..قادت الجيوش ..تقلدت مقاليد الحكم ..والوصاية على الملك ..حتى وقت قريب ..كانت الامور تسير بسلاسة …رغم وصول المراة الى اعلى مراتب العمل الاداري والسياسي ..وكيلة وزارة ..ووزيرة ..عضو في البرلمان ..والمحكمة الدستورية ..نساء على قمة الهرم التنفيذي والسياسي ..وفي ذات الوقت زوجات وامهات وصاحبات بيوت مستقرة والحمدلله.

متى اختلت الموازين ؟

ف(العزيزة الما بتسأل عن ظروفنا) ..

دعني اقول لك ..منذ ان حاول كل منا احتلال مكان الآخر ..بقصد او بدون قصد ..

اذكر ان والدتي رحمها الله .قالت تعليقا على حديث احدى قريباتي بأنها مرهقة جدا لانها تذهب الى السوق لشراء الخضار واللحوم ..لان زوجها لا يجيد الاختيار ..قالت لها امي (مافي حاجة قلبت الدنيا غير النسوان البعملو شغل الرجال ..طول عمرنا ننتظر الراجل يجيب اللحمة والخضار ..الشئ البجي نطبخه ..ما جاب خلاص )…هذا هو مربط الفرس ..ان كل له دوره ..لا تحاولي القيام بمهام الرجل في الحياة ..دعي له مهامه ..احضار الاشياء ..اصلاح المكسور ..توصيل الابناء ..حضور مجلس الاباء (متى صار اسمه مجلس الامهات ؟)

لا تتخيلي انك عندما تساعديه بانزال الهموم من كاهله ..ان ذلك سيسعده ..لا يا صديقة ..سيبحث عن تلك التي تقول له بدلال (ما بعرف اعمل حاجة من غيرك يا بيبي )

وهذا الامر يقودنا الى نقطه مهمة جدا ..ثار النقاش حولها في الآونة الاخيرة ..الا وهي (القوامة) ..وانا اريد اثارة الجدل بقولي ان القوامة ليست امتيازا منحه الدين الاسلامي للرجل ..بقدر ما هي مسؤولية والتزام مدى العمر ..برعاية المراة ومتابعتها في كل مراحل عمرها ..ان كانت بنتا ..او زوجة او ام ..القوامة مرهقة ولا يقدر على حملها الا القوي الامين ..فهي تلقي على عاتق الرجل الانفاق على رعيته وكذلك قيادة الدفة طوال الوقت بما فيها اتخاذ القرارات المصيرية للاسرة ..

القوامة مسؤولية

ويجب ان يعرف ذلك الشاب قبل الفتاة ..ذلك ان بعضهم يسئ استخدام تلك الورقة ويعتقد انه شيك على بياض يكفل له التصرف كما يشاء ..

القوامة تلزمك بالانفاق على الزوجة واكرامها دون النظر الى ما تجنيه من عملها او ما تملكه من ورثها ..ولا يحق لك ان تطمع فيما تملكه هي الا ان تبذله عن طيب خاطر ..في المقابل يا ابنتي ..عليك ان تقبلي بما اتاحه لك زوجك من حياة ..الا اذا رغبت في التوسعة من مالك الخاص ..فافعلي ذلك دون من ولا اذى ..

هكذا سارت البيوت قديما …كل له دوره ..وله ذمته المالية الخاصة ..وكل يحفظ مكانة الآخر داخل البيت وخارجه

فخلف من بعدهم خلف

افكار غريبة وجديدة ..لا مجال للخوض فيها ..لكن باختصار يمكن الرد عليها ..بان الحياة تتطلب وجود النساء والرجال معا ..ولا مجال لاستمرارها بدون الاثنين ..يبقى لا داعى للدخول في معارك خاسرة بين الطرفين والافضل العودة الى طاولة المفاوضات واعادة ضبط المصنع.

عودا على بدء ..عمل المراة فكرة اختيارية ليس بالضرورة تتبناها كل النساء …لذلك يا بني ..قبل كل شئ ..واثناء حلاوة البدايات والونسة الدقاقة ..قل لها رأيك بصراحه في عمل المراة ..اما انك تعارضه و(ما عندنا نسوان يشتغلوا) ..واترك لها حرية الاختيار..اما قالت لك (انا ذاتي ما زولة تعب وجري) ..فتلك هي (زولتك) ..الف مبروك ..وبيت مال وعيال

او قالت لك (لا والله انا عندي طموح وعايزه احققه واهلى تعبوا فيني ) ..حينها الخيار لك ..اما تقول (هذا فراق بيني وبينك) ..او تعصر على قلبك ليمونة وترضى برفيقة الدرب العاملة وبالتوفيق .
المهم في الحالتين انت (لست الضائع ) لكنك شيال التقيلة الشوفتوا تملأ العين

لذلك
خليك واضح يا جميل ..ولا تنتظر الزواج لتمنعها حقها في العمل بعد طول دراسة وتعب
وانت يا ابنتي ..لا تنتظري الزواج ليجعله يعدل عن اراءه ..(الرجاء العودة للمقال الاول في هذه السلسلة)
يبدو ان الامر يحتاج لاكثر من مقال

لكن المهم ان الاراء داخل المقال اعلاه على مسؤولية صاحبتها وقد اتت بناء على اجتهاد شخصي قابلة للنقاش وليست بالضرورة ملزمة للقارئ.
وان شاء الله نلتقي.

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى