
تحليل/ أحمد يوسف التاي
(1)
لازالت إتفاقية الدفاع المشترك التاريخية التي تم التوقيع عليها بين المملكة العربية السعودية وباكستان الأربعاء الماضي، تشعل الساحة العالمية بسيول من الجدل، وتمثل محور إهتمام مراكز البحوث الإستراتيجية، واتخاذ القرارات والآراء والتحليلات..كما انها أمست تشكل بداية النهاية للتحالف الخليجي الأمريكي، أو هي بمثابة نهاية شهر العسل الأمريكي الخليجي ..
وذلك لأن الاتفاقية التي نصت على أن “أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما”، جاءت في توقيت حساس للغاية والمنطقة العربية تغلي كالمرجل بأحداث ساخنة أبرزها الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة..
ولكون الاتفاقية جاءت بين اهم دولة في الخليج والمنطقة العربية والعالم الإسلامي، وأخرى إسلامية نووية بعد أسبوع من هجوم إسرائيلي على الدوحة في 9 سبتمبر الجاري، استهدف مقر اجتماع لقادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في العاصمة القطرية.
(2)
لكن السؤال المحوري الذي يفرض نفسه بقوة هو: مالذي يعنيه هذا الإتفاق في هذا التوقيت الحساس؟ وماهي نتائجه على المديين القريب والمتوسط؟..
الناظر إلى الإتفاق من حيث المغزى والتوقيت تستوقفه عدة ملاحظات ومعطيات ، وهي ما تُعطي الإتفاق بُعده العسكري والاستراتيجي الأمني الحقيقي، وفهمه بطريقة صحيحة ومجردة ليست بحاجة للتواري خلف العبارات الدبلوماسية، والملاينة السياسية، ويمكن قراءة هذه المعطيات على النحو التالي:
(3)
أولًا: الإتفاق يعكس حقيقة مجردة وهي أنه يمثل عمليًابداية النهاية للتحالفات السياسية والإستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية..وهذا ما بدا عمليا من خلال الاتفاقية نفسها والتي تفاجأ بها الصديق الاكبر والحليف الاستراتيجي – أمريكا – مثل الآخرين تمامًا.
(4)
ثانيًا: النقطة أعلاه يبررها العجز الأمريكي البائن في الدفاع عن الاصدقاء حال وقوع أي هجوم إسرائيلي محتمل والذي بات متوقعًا على كل دول المنطقة بعد ضربة الدوحة التي عكست صلفًا إسرائيليًا غير مسبوق، وعجزًا أمريكيًا عن لجم تل أبيب وعدم القدرة على السيطرة عليها أمريكيًا..
(5)
ثالثًا: يتوقع ان تفتح الإتفاقية الباب واسعًا أمام تحالفات قادمة بين الدول الخليجية ودول ذات قوة عسكرية كبرى وذات ردع نووي كالصين وروسيا وكوريا الشمالية، ونحوها، وكما حدث بين تركيا ومصر إذ استأنف البلدان أمس مناوراتها العسكرية المشتركة بعد انقطاع دام أكثر من “13” عاماً.
(6)
رابعًا: ثم يبقى القول أن العدوان الإسرائيلي على الدوحة والذي افرز حالياً إتفاقية الدفاع المشترك بين الرياض وإسلام آباد، وفتح الطريق لتحالفات واتفاقيات قادمة – من المتوقع أن يثمر حلفاً إسلامياً كبيراً يضم كل الدول الإسلامية، وهذا ما دعا له بالفعل رئيس وزراء باكستان عقب التوقيع على الاتفاقية، مما يعني أن الدول العربية والإسلامية وخاصة الخليجية باتت تستشعر الخطر الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى بعد الاعتداء على الدوحة.. إن كان ثمة عبارة نختم بها هذه القراءة، فإننا نستدعي المثل العربي : (على نفسها جنت براقش)..وكذلك المثل السوداني الشعبي .. (الشاة البحتت السكين) ويعني الشاة التي نبشت باظلافها سكيناً كانت مدسوسة ومخفية في التراب فذُبحت بها..ولولا أنها فعلت لما وجدت سكينًا لذبحها..