
بقلم / ياسر أبوريدة
في أوقات الغضب تبدو الحقيقة بعيدة وتبدو العيون كأنها لا ترى إلا ما أمامها من دخان المعارك وضجيج السوشيال ميديا
نسأل لماذا لم يتحرك الجيش لماذا لم يرد لماذا ترك المدينة تسقط وننسى أن الحرب ليست انفعالًا لحظيًا بل ميزان دقيق بين الصبر والضربة الحاسمة
هكذا كان المشهد في ود مدني يومها كفر البعض بالجيش وصبوا اللعنات على القيادة واعتبروا الانسحاب خيانة لكن لم يكن أحد يعلم أن الانسحاب لم يكن هروبًا بل مناورة أنقذت نصف السودان من السقوط
لقد تعلّم الجيش من تجارب الحرب أن التسرع يعني الكارثة وأن الضربة غير المحسوبة تفتح أبواب الخراب
في كل مرة يظن الناس أن الجيش انتهى يعود كأنه يولد من جديد يعود لا ليبرر نفسه بل ليحسم بصمته الطويل ببيان من نار على الأرض لا على الورق
من ام القري وسنار ود مدني إلى الخرطوم إلى بارا كانت معارك الاستعادة درسًا في أن النصر لا يُقاس بالوقت بل بالنتيجة
واليوم الفاشر ودارفور تقفان في ذات النقطة التي وقفت فيها ود مدني يومًا الناس غاضبة والقلوب معلقة على الأمل لكن من جرّب الصبر يعرف أن البركان لا يثور عبثًا وأن الصمت العسكري ليس ضعفًا بل تخطيط لما هو أكبر
ثقوا بجيشكم فهو لا يقاتل ليرضي الجمهور بل ليحمي الوطن وساعة دارفور قادمة مثلما جاءت ساعة ود مدني ذلك وعد الميدان لا وعود المنصات


