مقالات الرأي

الفاشر… المدينة التي تباد على مرأى ومسمع العالم

مدينة التأريخ تذبح بصمت موجع

بقلم / غادة  المنصور العجب

الفاشر… درة الغرب وعروس دارفور التي كانت بالأمس تنبض بالحياة تذبح اليوم بصمت موجع مدينـة التاريخ والمقاومة التي احتضنت أجيالًا من العلماء والمبدعين والمزارعين والأبطال أصبحت اليوم مسرحا لإبادة جماعيةمروّعة تُرتكب في وضح النهار بعد أن بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها عليها لتبدأ فصول جديدة من القهر والعنف والحقد والتطهير العِرقي المنهجي ضد المواطنين الأبرياء.

الفاشر التي كانت تعرف بكرمها وشموخها ووعي إنسانها تحوّلت إلى مدينة منكوبة تُحاصر من كل الجهات تقطع  عنها المياه والكهرباء والاتصالات وتمنع  عنها الإغاثة وتقصف أحياؤها بلا تمييز

النساء يُغتصبن، الأطفال يُقتلون الشيوخ يحرقون  في بيوتهم والمقابر لم تعد تتسع لجثث الأبرياء

ما يحدث في الفاشر اليوم ليس نزاع قبلي كما يحاول البعض أن يصفه بل إبادة جماعية كاملة الأركان ينفذها الدعم السريع ضد المدنيين العزل  في مشهد يعيد إلى الأذهان أبشع صور الحرب في رواندا والبوسنة وغيرها

ومع ذلك يقف العالم صامتا والمنظمات تكتفي بالبيانات والعالم العربي يشيح بوجهه وكأن الفاشر ليست مدينة سودانية تباد بل كأنها مجرد خبر عابر في نشرة منسية

لكن الفاشر لن تموت

الفاشر ستنهض  من تحت الركام كما قامت من قبل في وجه المستعمر وستكتب بدماء شهدائها صفحة جديدة من تاريخ النضال السوداني

فأبناء الفاشر لم يخلقون للانكسار بل وُلدوا على الشجاعه وتربوا على أن الأرض لا تباع  ولا تسلم إلا بالروح وأن الشرف لا يُداس ولو كانت النتيجة الموت

يا فاشر الصمود إنك لستِ وحدك نحن معك

كل سودانية تبكيك وكل حر يكتب عنك وكل قلب ينبض للحق يقف معك ويدعو لك

ستعود راياتك خفاقة باذن الله وسيرتفع الأذان من مساجدك بلا خوف ان شاءالله وستعود مدارس الأطفال تملؤها الضحكات بدل البكاء.

سيأتي اليوم الذي تتحررين فيه لا لأنك الأقوى سلاحًا بل لأنك الأطهر نية والأصدق صبرًا والأعمق إيمانًا.

الفاشر… ستتحرر

ولو بعد حين لأن الأرض لا تُسلَّم إلا لأهلها والتاريخ لا يرحم من باعوا دماء الأبرياء.

نداء إلى الضمير العالمي

ما يجري في الفاشر اليوم يضع المجتمع الدولي أمام اختبارٍ أخلاقي وإنساني خطير.

فالصمت الأممي والتقاعس الدولي عن وقف هذه الجرائم يُعتبر تواطؤ غير معلن ووصمة عار في جبين من يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان.

لقد تحولت بيانات “القلق العميق” إلى مجرد تكرار باهت لا يُوقف رصاصة ولا ينقذ روح بينما يستمر الدعم السريع في ارتكاب جرائمه بلا رادع ولا خوف من محاسبة

أين هي الأمم المتحدة

أين مجلس الأمن

أين الاتحاد الإفريقي

اين انتم

كيف يترك المدنيون في الفاشر يواجهون الموت اليومي دون حماية بينما يتبادل الساسة في العواصم الخطابات والاتهامات

إن التاريخ لن ينسى من التزم الصمت في وجه الإبادة ولن يغفر لمن اختار أن يكون محايدًا في معركة بين القاتل والضحية.

الفاشر اليوم ليست مجرد مدينة تباد

بل جرح مفتوح في ضمير العالم كله وصوت يصرخ من تحت الرماد

أما آن لهذا الصمت أن ينكسر

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى