مقالات الرأي

حرية التنظيم والعمل النقابي [1]

دولة القانون|| عبد العظيم حسن

 بقلم / د. عبد العظيم حسن

المحامي 

 

في 20 أكتوبر 2020 صادقت السلطة التشريعية الانتقالية على اتفاقية حرية التنظيم النقابي (الاتفاقية الدولية رقم 87 لسنة 1948). وفي 15 فبراير 2021 نُشرت المصادقة بالقانون رقم (1) لسنة 2021 في الجريدة الرسمية لجمهورية السودان، فأصبحت الاتفاقية جزءاً لا يتجزأ من التشريعات الوطنية لتعلو وتَسود على أي نص قانوني يتعارض معها. من جانبها التزمت المحاكم السودانية بهذا المبدأ؛ فعلى سبيل المثال، في قضية علي الخضر ضد الخطوط الجوية التونسية قررت المحكمة العليا تغليب نصوص الاتفاقية الدولية على النصوص الوطنية المتعارضة، تأسيساً على القواعد المقررة في قانون تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة 1974، والتي تقضي بأن القانون اللاحق يسمو على السابق.

أهم ما قررته اتفاقية حرية التنظيم النقابي أن تكوين النقابات أو الانضمام إليها لا يتطلب ترخيصاً أو موافقة مسبقة من أجهزة الدولة. كما أن النقابة تكتسب شخصيتها الاعتبارية منذ لحظة إجازة جمعيتها العمومية لدستورها ونظامها الأساسي، دون أن يكون ذلك معلقاً على اعتراف رسمي. وبموجب نصوص الاتفاقية، فإن واجب السلطة العامة هو الدعم والإسناد لا العرقلة والتأخير. فجميع أجهزة الدولة المنضوية تحت الاتفاقية ملزمة بتسليم شهادة التسجيل فور استيفاء الجمعية العمومية لإجراءاتها. كذلك، منعت الاتفاقية أي تدخل من السلطات العامة، بما في ذلك المحاكم، في شؤون النقابات: فلا تعطيل، ولا تجميد، ولا حل، ولا إصدار أوامر أو مراسيم تُقيّد حرية النقابات أو منظمات العمال وأصحاب العمل.

بطبيعة الحال، وكنتيجة مباشرة لثورة ديسمبر المجيدة، تم حل جميع النقابات والاتحادات التي كانت قائمة في ظل النظام البائد. وصدرت لاحقاً قوانين أتاحت تشكيل لجان تسيير لبعض النقابات والاتحادات المهنية. وفي مرحلة لاحقة، نجح الصحفيون والأطباء في اختيار لجان تمهيدية منتخبة. وفقاً للقوانين السارية، فإن انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 أو الحرب التي اندلعت في الخامس عشر من أبريل 2024 لا يجوز أن يشكّلا أساساً قانونياً لأي سلطة تنفيذية أو قضائية أو شبه قضائية للتدخل في شؤون النقابات أو إصدار قرارات تُخالف المبادئ المستقرة في القوانين والاتفاقيات الدولية النافذة. صحيح أنه، باستثناء نقابتي الصحفيين والأطباء، فشلت معظم لجان التسيير في القيام بالمهام التي أُنيطت بها. ومع ذلك، فإذا كان لا بد من تدخل تنظيمي، فلا سبيل لذلك إلا عبر خيارين: *الخيار الأول*: إلزام القواعد النقابية للجان التسيير باختيار لجان تمهيدية بالتوافق. *الخيار الثاني*: إلزام جميع لجان التسيير بعقد انتخابات مبكرة لاختيار لجان تمهيدية منتخبة. في المقال القادم سنناقش فرص نجاح كل من هذين الخيارين، خاصة في ظل واقع الحرب الراهنة. ونواصل…

احمد يوسف التاي

منصة إخبارية سودانية تقدم الأخبار والتحليلات المتعمقة حول أبرز الأحداث المحلية والعالمية. تأسست بهدف توفير محتوى إخباري موثوق وموضوعي يلبي احتياجات القراء السودانيين في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى